الثلاثاء، 19 مايو 2009

رابعا- تنمية الكفاءات كأساس للتغيير في المؤسسة:
يتجسد تفعيل دور المورد البشري عموما في العملية التغييرية من خلال إشراكه في التصور وصيانة العلاقة معه واقحامه في العملية بفعالية، ويمكن تمثيل هذه الأبعاد الثلاثة (vision, processes, relation) في الشكل التالي:
الرؤية


العمليات العلاقات
منذ نحو عشر سنوات تغير منطق وظيفة الموارد البشرية من إدارة الأفراد إلى إدارة الكفاءات، وكان ذلك في الواقع نتيجة لتغير في هيكل ودور المورد البشري في المؤسسات، ففي فرنسا مثلا خلصت إحدى الدراسات التي صدرت سنة 2002 إلى أن حوالي 70% من المؤسسات الفرنسية تعتمد أنظمة قائمة على الكفاءات، أو على الأقل تنوي ذلك على المدى المنظور، وتنفق في سبيل هذا الغرض أموالا ضخمة(32).
وتعرف المجموعة المهنية الفرنسية (Medef) الكفاءة (La compétence) بالقول: "الكفاءة المهنية هي تركيبة من المعارف والمهارات والخبرة والسلوكيات التي تمارس في إطار محدد، وتتم ملاحظتها من خلال العمل الميداني، والذي يعطي لها صفة القبول، ومن ثم فإنه يرجع للمؤسسة تحديدها وتقويمها وقبولها وتطويرها" (33).
وتعٌَرَف الكفاءة كذلك بأنها: "مجموع المعارف والمهارات التي يمتلكها الفرد التي تمـكنه من أداء عمله بشكل أحسن"(34) ، ولا يخفى أن الكفاءات اليوم أضحت تمثل الميزة التنافسية الأكثر حسما مابين المؤسسات، فالكفاءة هي التي تصنع التفوق، وفي المثل الأجنبي يقال: "C’est la compétence qui fait la différence"، وهو ما جعل الكفاءة ودرجة التأهيل هي المرجع (Un référentiel) في توصيف الوظائف وتصميم هياكل المؤسسات.
أما تسيير الكفاءات فيعني:" التأثير في معارف ومهارات وسلوكيات المورد البشري ليكون أكثر قدرة على تحسين عوائده والتكيف مع التطورات الحاصلة في المحيط"(35).
فالكفاءات إذن تمثل قوائم أو بيانات للسلوكيات والتي يكون بعض الأشخاص أكثر تحكما فيها من الآخرين، مما يجعلهم أكثر كفاءة في حياتهم اليومية للعمل، أما فيما يتعلق بأنواع الكفاءات فهناك الكثير من التصنيفات لها، ونهتم بالتصنيف من خلال الكفاءات الفردية والكفاءات الجماعية التي تساهم في تطوير الكفاءة داخل المؤسسة.
1- أنواع الكفاءات:
ا- الكفاءات الفردية: مهما كان مستوى الأفراد في الهيكل التنظيمي للمؤسسة، فإن المناصب التي يشغلونها تتطلب كفاءة معينة لأداء مهامهم بصورة تحقق معها أهداف المؤسسة، وفيما يلي أهم الكفاءات التي ينبغي توفرها في الأفراد:
- أن يكون شخصا يعرف كيف يتأقلم مع الظروف المتغيرة والغامضة ويعمل بطريقة مرنة.
- التعلم للتحكم السريع في التقنيات العملية.
- لديه روح اتخاذ القرار وإدارة وقيادة المرؤوسين بطريقة فعالة.
- إيجاد جو ملائم للتطوير من خلال مضاعفة التحديات التي تعمل على إيجاد المناخ الملائم لتطوير عمل المرؤوسين.
ب- الكفاءات الجماعية: تعتبر الكفاءات الجماعية أهم انشغال للمؤسسات المعاصرة، وتنشأ هذه الكفاءات من تآزر الكفاءات الفردية، ويمكن تحديد وجود هذه الكفاءات من خلال مؤشرات الاتصال الفعُال الذي يسمح بوجود لغة مشتركة بين جماعة العمل، وتوفير المعلومات الملائمة للجميع، وكذا التعاون بين أعضاء الجماعة مما يسمح بانتقال الكفاءات ومعالجة الصراعات.
وتطوير الكفاءات البشرية باعتباره جهدا استثماريا، يركز على زيادة المعارف والقدرات لدى جميع الأفراد العاملين وهذا لتدعيم العناصر الأساسية المميزة للكفاءات البشرية، حيث أدخلت مفاهيم جديدة مثل الجودة البشرية والتكنولوجيا البشرية التي تتحكم فيها عناصر التخصص الدقيق ذو الجودة العالية والمشاركة الفعٌالة للفرد في إدارة التنمية بحيث يكون الإنسان محور جميع العناصر السابقة"(36).
وتنبثق إستراتيجية تنمية الكفاءات من إستراتيجية عامة لتنمية الموارد البشرية في المؤسسة، التي تستند بدورها إلى تسيير المعارف (KM)الذي اكتسح عالم الأعمال، والذي يعد بدوره تطورا نوعيا لمذهب العقلانية في التسيير الإستراتيجي.
ويعد تسيير المعارف نمط جديد في استغلال وتثمين المورد البشري، الذي أضحى الآن رهان إستراتيجي بالنسبة للمؤسسات (أو المنظمات بشكل عام)، ويتضمن تسيير المعارف عدة أبعاد، الإنتاج، التنظيم، تكنولوجيا المعلومات والاتصال، رأس المال البشري كمنتج مزدوج المرجع يجمع بين المعارف (الجامعة) والكفاءة (المؤسسة).
إن التركيز على الكفاءات (التكوين) لا ينبغي أن يغفلنا عن الشق الثاني للمورد البشري والمتمثل في العمال المنفذين (التأهيل)، فالمورد البشري (H2) مكون من جزأين: الكفاءات (H’) والعمال ("H) أي أن (" H +H’=H2)، وإذ يمارس هذا المورد عملياته (o) سيتكون مركب ثالث هو (H2O)، ويعبر هذا المركب عن مدى التلاحم بين المورد البشري والعمليات التي يؤديها، فجودة العمليات تخضع أساسا لمستوى التكوين والتأهيل المتاح لدى هذا المورد، وبإضافة عنصر رأس المال (K) إلى هذا المركب تستطيع المؤسسة خلق قيمة مضافة (V)(37).
ويمكن التعبير عن ذلك كما يلي:
الشكل رقم (04): تجزئة موارد التـغيير
v = K + H20

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق