سلطة المرشد العام
في السياق نفسه وحسب جيل كيبيل الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس فان سلطة المرشد العام على التنظيم الدولي للإخوان "معترف بها بطريقة ما " وخصوصا من جماعة الإخوان في الأردن وسورية وفلسطين التي تمثلها حركة (حماس) .
وتعد أخطر الأمثلة على سلبيات فكرة التنظيم الدولي بالشكل الذي يصر عليه إخوان مصر هو المأساة التي وقع فيها الإخوان المسلمون في سورية والتي بلغت قمتها بما يجري في مدينة حماة فالتنظيم الدولي بتدخله في الأمور الداخلية للحركة الإسلامية السورية ، وسوء استيعاب قادته لمعطيات الواقع المحلي في سورية ، لم يكن بعيدا من المسؤولية عن تلك المأساة إذ قام التنظيم حسب روايات إخوانية بتحريض الناس على المواجهة العسكرية مع الحكومة السورية آنذاك . وعندما سالت الدماء ، وطحنت الرؤوس تحت الأنقاض ، نفض مكتب الإرشاد يده من الأمر بل إن مثل الدكتور عبد الله النفيسي يؤكد أن سوء الموقف داء بارز في ممارسات "مكتب الإرشاد العام" وخاصة في مجال العلاقات السياسية وتفسير الأحداث الكبيرة .
و كان الاحتلال العراقي للكويت مرحلة مهمة في مسيرة التنظيم ،ذلك أن أهمية الإخوان في الكويت تأسست على أيدي عناصر مصريين وكان الاجتياح العراقي بمثابة كارثة على إخوان الكويت إذ أثار الكثير من التوتر مع تنظيمهم الدولي الذي حاول القيام بوساطة مع الرئيس صدام حسين . وبلغت الأزمة التي سببها موقف التنظيم الدولي حد الاضطرار لتغيير اسمهم إلى " المرابطون" ووصلت الخلافات قمتها مع وصول القوات الأمريكية ، إذ ذهب أعضاء مهمون من التنظيم الدولي إلى بغداد .
وبصفة عامة لا يمكن الفصل بين مشكلة الحركة الإسلامية في السودان وغيرها مع التنظيم الدولي عن مشكلتها مع حركة الإخوان في مصر ، نظرا لهيمنة الإخوان المصريين على هذا التنظيم حسب رأيهم . وقد نص "النظام العام" على أن الحركات الإسلامية المنضوية تحت لواء التنظيم الدولي ملزمة بالآتي :
الالتزام بالمبادئ الأساسية الواردة في هذه اللائحة عند صياغة اللائحة الخاصة للقطر . وتشمل هذه المبادئ : العضوية وشروطها ومراتبها ، ضرورة وجود مجلس للشورى إلى جانب المكتب التنفيذي ، الالتزام بالشورى ونتيجتها في جميع أجهزة الجماعة .. الخ . والالتزام بفهم الجماعة للإسلام ، المستمد من الكتاب والسنة والمبين في الأصول العشرين ، والالتزام بالنهج التربوي الذي يقره مجلس الشورى العام . الالتزام الأمريكي في عبارات بدت وكأنها دعم لصدام . عندها علق إخوان الكويت عضويتهم في التنظيم الدولي ولا يزال الفتور قائما رغم عودتهم للمشاركة في الاجتماعات . ولم تقتصر التناقضات التي أدى إليها إنشاء التنظيم على ذلك فالحركة الإسلامية الكردستانية بوضعها الذي يتسم بالحساسية الشديدة نموذج آخر نحب التوقف عنده ، فهذا التنظيم "الدولي" الذي يعبر عن جماعة ذات توجه إسلامي يتصف بالعالمية أثمرت تجربته مع الإسلاميين الأكراد عن انطباعات سلبية ويعبر عن ذلك أحد القيادات الإسلامية الكردية بقوله إن حركة الإخوان المسلمين حركة إسلامية مهتمة بالعرب لا تخرج عن دائرة الشعوب العربية إلا في حالات استثنائية نادرة وقد أسس التنظيم الدولي للإشراف على الإخوان في بلاد الهجرة والاغتراب . والإسلاميون الأكراد يعتبرون علاقة الإخوان بالنظام العراقي السابق مشكلة تعقد علاقتهم بالتنظيم ، ذلك أن دخول بعض أجنحة الإخوان المسلمين الإسلامية العراق مع سكوت أكثر تنظيمات الإخوان هو في حد ذاته شر مستطير وخطر كبير خلق واقعا مظلما ومستقبلا أظلم .
في الوقت نفسه ينتهي الباحث ممدوح الشيخ إلى أن هناك علامات استفهام كبيرة تحيط بمستقبل التنظيم وأن التغيرات في المناخ الدولي تنذر بمصاعب كبيرة ،لكن العجز عن استيعاب الكثير من جماعات الإخوان المسلمين الكبيرة في العالم هو التحدي الأكبر "والغموض الذي يغلف صورة التنظيم حتى في أذهان قيادات الجماعة يؤكد أن بناءه وإدارته محكومة بثقافة السرية التي قد يكون وجودها مفهوما في الداخل نتيجة القمع الأمني لكن بصماتها الواضحة على بنية التنظيم ، وهو عامل سيكون تأثيره في مستقبله أكبر من تأثير الضغوط الدولية المحتلة .
الأحد، 10 مايو 2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق