الثلاثاء، 19 مايو 2009

ثانيا- مجالات التغيير:
إن مجالات التغيير حظيت بكثير من الدراسات والأبحاث من قبل المهتمين بمجال التغيير وذلك لأهميتها، ويشمل التغيير في المؤسسة عدة مداخل ( المدخل الوظيفي، المدخل الإنساني، المدخل الهيكلي، المدخل التكنولوجي...)، إلا أن الباحثين سيتعرضان بالدراسة والتحليل إلى المدخل الإنساني باعتبار أن الإنسان هو العنصر الموجه لحركة المؤسسة، ويلعب السلوك الإنساني دورا بارزا في عملية التغيير، حيث يتوقف التغيير بدرجة كبيرة على قبول الأفراد له وتعاونهم في إنجاحه، وانطلاقا من ذلك فقد ركز الكثير من الكتاب والباحثين على إحداث التغيير من خلال الأفراد القائمين بالعمل، ويتمثل ذلك في ناحيتين هما(10):
1- التغيير المادي للأفراد: من خلال الاستغناء عن بعض العاملين أو إحلال غيرهم محلهم.
2- التغيير النوعي للأفراد: وذلك بالتركيز على رفع المهارات وتنمية القدرات أو تعديل أنماط السلوك من خلال نظم التدريب أو تطبيق قواعد المكافآت والجزاءات التنظيمية.
أما عند علي الشريف فإن التغيير الذي يشمل النواحي الإنسانية في المؤسسة، يتم من خلال إدخال التغيير في مجالين هما:
1- المهارات والأداء: ويستخدم لذلك ثلاث مداخل:
أ- الإحلال: أي الاستغناء عن العاملين الحاليين واستبدالهم بأفراد أكثر كفاءة وإنتاجية، إلا أن هذا الإحلال يصعب تطبيقه.
ب- التحديث التدريجي للعاملين: بمعنى وضع شروط ومعايير جديدة لاختيار العاملين الجدد.
ج- تدريب العاملين: أي تدريب العاملين الموجودين على رأس العمل بهدف تحسين أدائهم للعمل من خلال إكسابهم مهارات جديدة.
2- الاتجاهات والإدراك والسلوكيات والتوقعات:
وذلك بأن يتم التغيير من خلال الاتجاهات والإدراك والتوقعات للمديرين، ويطلق على هذا التغيير في مجال الدراسات الإدارية "التنمية الإدارية"، وتعرف التنمية الإدارية على أنها "استثمار في مختلف الجهود والإمكانيات التي توفرها المؤسسة للعمليات المستمرة لإعداد المدير وتجهيزه لإدارة مرؤوسيه وللمساهمة في تحقيق الأهداف الإستراتجية للمؤسسة، من خلال توسعة قدراته على مواجهة المهمات المعقدة في الحاضر والمستقبل" (11) ، أما التغير الذي يستهدف اتجاهات ومدركات وسلوكيات وتوقعات العاملين، هذا التغير يطلق عليه في مجال الدراسات الإدارية اصطلاح التطوير التنظيمي وهو الذي نحن بصدد دراسته لاحقا(12).
وتعد الاتجاهات من أكثر المفاهيم السلوكية أهمية في دراسة السلوك الإنساني وتفسيره، وهذا ما أدى إلى وجود كم هائل من البحوث والدراسات المنشورة حول الاتجاهات ووجود العديد من المؤلفات التي تناولتها بالتحليل والمعالجة، ورغم ذلك فإن هناك اختلافا كبيرا بين الباحثين حول الاتفاق على إيجاد تعريف لمصطلح الاتجاهات(13)، ويرجع ذلك إلى أن الاتجاهات غير ملموسة وبالتالي لا يمكن رؤيتها ولكن يمكن استنتاجها، كما يرجع غموضها إلى تداخلها مع بعض المفاهيم الأخرى مثل: الآراء، المعتقدات، القيم، ورغم اعتراف الكثير من الباحثين بأن التفرقة صعبة للغاية في الحياة العملية بين الاتجاهات والآراء والمعتقدات وغالبا ما يتم استخدامها بمفهوم واحد، إلا أنه يمكن أخذ التعريفين التاليين لتحديد مفهوم الإتجاهات.
عَرٌَفَ السلمي الاتجاهات بأنها: "تنظيم متناسق من المفاهيم والعادات والمعتقدات والدوافع بالنسبة لشيء محدد"(14)، وذكر أن الاتجاهات في الأساس هي وجهة نظر الإنسان بالنسبة لشيء محدد، شخص، أو موضوع، أو مكان، وقد فرق بين الاتجاه والقيم بأن القيم تتعلق بأمور عامة وأشياء مجردة كالوفاء والصدق.
كما عُرِفت الاتجاهات بأنها تعني: "الاستعداد المسبق للاستجابة لبواعث معينة، مواقف، أحداث، أفراد/ مواضيع، شيء ما بطريقة محددة"(15)، وهذا التعريف يدل على أن استجابة الفرد مبنية على خبراته السابقة واحتكاكه ببيئته الخارجية، وهناك ثلاثة عناصر أساسية للاتجاهات وهي(16):
ا- عنصر المعرفة والمعلومات: وهو فهم واستيعاب وإدراك الموضوع أو الموقف أو الحدث من قبل الشخص، حيث أن ما يتوفر لدى الفرد من معرفة ومعلومات وثقافة وخبرات سابقة وتجارب تجاه موضوع معين تنعكس على تصرفاته ومشاعره اتجاه هذا الموضوع.
ب- عنصر العاطفة والوجدان: وهو شعور الفرد الإيجابي أو السلبي نحو الموقف، فيظهر الفرد أحاسيسه ومشاعره بناءا على العنصر المعرفي والمعلوماتي، فيعبر عنه في شكل حب أو كراهية، تفضيل أو عدم تفضيل.
ج- العنصر السلوكي: ويكون هذا العنصر المحصلة النهائية للعنصرين السابقين، أي مدى استعداده للتغيير ووجهة نظره عمليا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق