الأحد، 10 مايو 2009

1 - المقدمـة
يمثل قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في نظر كثير من المفكرين وصانعي السياسات ورجال الأعمال فرصة ذهبية للدول النامية إذا ما أحسن استغلالها وتوظيفها، من اجل تحقيق التنمية وبناء قطاع اقتصادي من أهم قطاعات المستقبل. ولا يقتصر تأثير هذا القطاع على التغيير والتطوير الجذري لجميع القطاعات الاقتصادية الأخرى فقط، وإنما يوفر فرصا جادة لقفزات اقتصادية كبرى، إذا ما أحسن استغلاله من خلال التخطيط والتنظيم. وينشغل العالم أجمع بمشكلة الفجوة الرقمية وكيفية رأبها وتقام من أجل ذلك القمة العالمية لمجتمع المعلومات والتي تتبناها الأمم المتحدة والاتحاد الدولي للاتصالات على مرحلتين الأولى كانت في جنيف في ديسمبر 2003 والثانية تنعقد هذا العام في تونس. وقد أسفرت المرحلة الأولى للقمة بجنيف عن التوصل لإعلان مبادئ وخطة عمل للعالم لبناء مجتمع المعلومات وتعميم الاستفادة منه.

مجتمع المعلومات:
يسود تفاؤل كبير حول إمكانيات تقنيات المعلومات والاتصالات في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي عصر المعلومات الجديد أضحى تبادل المعلومات هو المتغير الثالث في مثلث المؤشرات المستخدمة في قياس ومراقبة الأداء الاقتصادي والمجتمعي، إلى جانب المتغير الاقتصادي والمتغير الاجتماعي، وتحدد أضلاع هذا المثلث مجتمعة مستوى الأداء التنموي لكل دولة، ومن ثم قدرتها العامة على جذب المستثمرين الخارجيين. ومن المتفق عليه أن الاستخدام الفعال للأدوات الجديدة لتقنية المعلومات والاتصالات سيكون له تأثير حاسم في كافة جوانب النظم الاجتماعية والحياتية، سواء في المنازل أوأماكن العمل أوالمدارس أوالحكومات أو أي مؤسسات اجتماعية أخرى، هذه المؤثرات جميعها سوف تقود إلى بزوغ ما يسمى بـ "مجتمع المعلومات".

ويعرف "مجتمع المعلومات" بأنه البيئة الاقتصادية والاجتماعية التي تطبق الاستخدام الأمثل لتقنية المعلومات والاتصالات الجديدة بما في ذلك الإنترنت، وتعنى بنشر هذه التقنيات وتوزيعها توزيعا عادلا ليعم النفع على الأفراد في حياتهم الشخصية والمهنية. وتتنوع أمثلة استخدام تقنية المعلومات والاتصالات وتختلف مجالاتها بحيث تشمل التعليم، والخدمات الاجتماعية والصحية، والبنوك والموارد التمويلية، وفاعلية الجهاز الحكومي، وغيرها. كما تمتد منافع تقنية المعلومات والاتصالات أيضاً إلى المهام اليومية الصغيرة التي تشغل المواطن البسيط، كما يضيف كل من الإنترنت والبريد الإلكتروني وما لهما من انتشار في كل مكان إلى القدرة على تبادل المعلومات ونشرها بسرعة وبأسعار منخفضة. وإدراكا من الدول العربية لأهمية التحرك الفوري الذي يستهدف أن يتبوأ المجتمع العربي المكانة التي تليق به وبحضارته في عصر تقنية المعلومات، تم إقرار وثيقة إعلان "الاستراتيجية العربية لمجتمع الاتصالات وتقنية المعلوماتية" في مؤتمر قمة عمان عام 2001.

ويتلخص دور تقنية المعلومات والاتصالات في التنمية في محورين أساسيين: المحور الأول يتمثل في الدور الذي تلعبه صناعة تقنية المعلومات والاتصالات كأحد أهم مصادر التقدم وزيادة الدخل القومي في معظم الدول المتقدمة فضلا عن الدول ذات الاقتصاديات البازغة عالميا، أما المحور الثاني فيشير إلى الآثار الإيجابية للتقدم في تقنية المعلومات والاتصالات على جميع القطاعات الاقتصادية الأخرى. وبالنسبة للمحور الأول، فإن قطاع المعلومات والاتصالات يعتبر قطاعا اقتصاديا حيويا، يشتمل على عمليات إنتاجية مركبة تتسم بقيمة اقتصادية مضافة مرتفعة وعمالة ذات قدرات فنية عالية، وتتصل بها عمليات تجارية وخدمية واسعة النطاق تشمل شراء المعدات، والبرمجيات، وغيرها، مما يجعل من تقنية المعلومات والاتصالات قطاعا ذا أهمية حيوية في كافة الدول تقريباً، بل وأكثر أهمية في الدول التي تعتمد عملية التنمية فيها اعتماداً مباشراً على القدرة على التواصل كما هو الحال في البلدان العربية. وقد اكتسب هذا القطاع أهمية مضاعفة نتيجة للنمو المطرد للإنترنت وشبكة الويب العالمية والتطبيقات المجتمعية بإستخدام الإنترنت مثل تطبيقات كل من الحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية والتعليم الإلكتروني والخدمات الطبية الخ.

أما بالنسبة للمحور الثاني، فتساهم تقنية المعلومات والاتصالات في توفير وسائل دعم الأنشطة التي تنتفع من المعلومات الموجهة والموثوق بها بما في ذلك تحسين ظروف المجتمعات المحرومة والخفض من حدة الفقر؛ فعلى سبيل المثال، تجعل تقنية المعلومات والاتصالات الرعاية الصحية أكثر شمولاً وتتيحها لقطاعات أوسع من خلال العلاج عن بعد، كما تزيد من فاعلية التعليم و توجهه إلى شرائح أكثر عن طريق التعلم عن بعد. ويعتبر وجود نظم معلومات موثوق بها أمرا ضروريا من أجل الإدارة الفاعلة وتشغيل القطاعين العام والخاص، حيث تغطي هذه النظم مجالات حيوية عديدة مثل المعلومات الداخلية للحكومة، وخدمات المواطنين، والتجارة، وأعمال البنوك، والعلاقات الدولية، الأمر الذي يبرز أهمية التأكد من أمن المعلومات والبيانات والشبكات لإنجاح مجتمع المعلومات. ومن ناحية أخرى، فمن الأهمية بمكان إيجاد محتوى باللغة العربية حتى تستفيد منه جميع شرائح المجتمعات العربية، الأمر الذي يستدعي وجود صناعة خاصة بالمحتوى و أيضا النظر في تعريب المستويات المختلفة التي تتكون منها تقنية المعلومات والاتصالات بالإضافة إلى دراسة جدوى استخدام أسماء النطاقات باللغة العربية.

لقد استفادت دول عديدة على مدار السنوات القليلة الماضية من الفرص التي أتاحتها تقنية المعلومات والاتصالات لدعم اقتصادياتها وتحقيق معدلات غير مسبوقة في أدائها التنموي، وذلك من خلال وضع السياسات اللازمة وإرساء الإرشادات المطلوبة لتنفيذها وتطوير خطط عمل وطنية وإقليمية لتقنية المعلومات والاتصالات كجزء من أهدافها التنموية الشاملة. كما أن التقدم خطوة بخطوة في العملية التنظيمية وما يتضمنه ذلك من استراتيجية منسقة ومتعددة الأفرع يعد أمراً أساسياً لتطوير هذا القطاع. ويلعب كل من التعليم وفرص الاستثمار وتوافر البنية التحتية و نقل التقنية للدول النامية دوراً كبيراً في التقدم في هذا المجال. وتتجه النية في البلدان العربية لاستخدام تقنية المعلومات والاتصالات كعنصر التقدم الرئيسي نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتهدف هذه الوثيقة إلى وضع أسس ومبادئ بناء منطقة تستفيد استفادة كاملة من خدمات تقنية المعلومات والاتصالات بحلول عام 2008.

وإذا أراد قادة العالم وصناع السياسات تطبيق الأدوات التي يتيحها مجتمع المعلومات بفاعلية وعدالة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية يستوجب فتح باب المشاركة في المعلومات والخبرات، وإلى اتخاذ موقف جماعي حاسم يضمن توازن مصالح الأطراف المختلفة في العالم وإلى صياغة رؤية مشتركة لبناء مجتمع المعلومات وفي الوقت ذاته احترام تنوع الهويات الثقافية وتقديم فرص متساوية للتنمية للجميع بما في ذلك ضمان ما ورد في إعلان الألفية بشأن التزام الدول المتقدمة بتخصيص نسبة 0.7% من ناتجها القومي للمساعدات التنموية الرسمية المقدمة للدول النامية، و لذا لابد من اقتناص الفرصة المتاحة من خلال القمة العالمية لمجتمع المعلومات كفرصة فريدة من نوعها لقادة العالم والأطراف الرئيسية كي يلتقوا في تجمع عالي المستوى سعياً للوصول الى "رؤية مشتركة وفهم أفضل لمجتمع المعلومات، وتبني وضع آليات تنفيذ لخطة العمل التي تم إقرارها في خلال المرحلة الأولى للقمة" خلال الشق الثاني من القمة والذي سينعقد في تونس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق