الأحد، 10 مايو 2009

إنهاك الأمن
كانت هذه هي الأزمات الحاكمة في الإخوان المسلمين، إلا أنني أستطيع التأكيد على أن الجماعة على المدى القريب لن تحاول تصحيح أخطاءها وستعمد إلى إجراء بعض التغييرات الشكلية لكن ستظل مقدمة لمصلحة التنظيم على مصلحة الأمة وستخوض الانتخابات البرلمانية والنقابية في كافة الدول العربية - وليس مصر فقط - بكثافة غير مسبوقة اتباعا لخطة "إنهاك الأمن" وستمارس السياسة الحزبية بكل ما تولده من إشكاليات وأزمات. وفي النهاية يصل الإخوانى ثروت الخرباوي في قراءته للأحداث إلى أنه ستظل أشكال التنظيم الدولي باقية كما هي لن يطرأ عليها تغيير ويدرس كل تنظيم في بلده تجربة تركيا - كما كان يدرس تجربة إيران - من أجل الوصول للحكم وسيسعي الإخوان لتعميق صلاتهم السرية مع الولايات المتحدة وعقد صفقات معهم إذ تولد الشعور بأن في الأفق إرهاصات واقع جديد قد يكون للإخوان مكانا مؤثرا فيه.

أما حركة الإخوان فسوف تتآكل من الداخل إلى أن تنقرض أو تكاد وأما أنها ستختفي من على سطح الأحداث ضعيفة مترهلة غير قادرة على فعل يغلب عليها الخمول وتنضوي في كهوف النسيان.

ويترتب على ذلك أن تنفصل حركات الإخوان في بلدان العالم عن الحركة الأم بمصر وينهار التنظيم الدولي وقد بات هذا الأمر وشيكا خصوصاً وقد انفصلت بعض الدول تنظيميا عن مصر كما أن الكثير من الدول الأخري بات الخيط الذي يربطها بمصر هو "الخيط الرفيع". على صعيد متصل فإن المهندس أبو العلا ماضي، أحد الذين خرجوا من الإخوان وأثاروا جدلا واسعا في الأوساط الإسلامية أكد أن الإشكال الأكبر والذي برز منذ سنوات أن هناك عدة حكومات عربية ودولية تتعقب هذا التنظيم وهو غير مسجل بصورة قانونية في أي مكان وتضيق عليه ويترتب على وجوده أخطار وأضرار للحركة ولأفرادها وما يتم من نقاط إيجابية أقل بكثير من سلبياته وعليه فقيادة الجماعة عليها الاختيار بين الاستمرار في هذا الوضع من بقاء التنظيم الدولي أو إعلان تجميده أو حله والاكتفاء بالتنسيق والتبادل الفكري والثقافي.

ويذكر أبو العلا في دراسته أن هناك إصلاحا في الحركة ففي المدة الأخيرة من عمر الجماعة أي منذ منتصف السبعينيات وحتى الآن كانت هناك محاولات للإصلاح إما من أفراد أو مجموعات.

أما بالنسبة للمحاولات الإصلاحية من الأفراد، فقد جاءت من علماء أو مفكرين أو حركيين، بعضهم كانت له صلة بالجماعة ثم انقطعت وبعضهم كانت له صلة واستمرت، وإن كانت أغلب هذه المحاولات الإصلاحية كانت بالكتابة والتعبير عنها إما في كتب أو دراسات أو مقالات.

من هؤلاء فضيلة الشيخ المرحوم محمد الغزالي وفضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي والمرحوم الأستاذ عمر التلمساني والمرحوم الأستاذ صلاح شادي والمرحوم الأستاذ جبار رزق وكذلك كتابات الدكتور عبد الله النفيسي (الكويت) والأستاذ فريد عبد الخالق (مصر) والمرحوم الشيخ سعيد حوي (سوريا)، وخاصة كتاباته الأخيرة، والأستاذ كمال الهلباوي والشيخ راشد الغنوشي (تونس)، والمرحوم الأستاذ عبد الحليم أبو شقة والأستاذ فتحي يكن والشيخ فيصل مولوي (لبنان) كذلك كتابات مجموعة من المفكرين المستقلين أمثال المستشار طارق البشري والدكتور أحمد كمال أبو المجد والدكتور محمد سليم العوا والدكتور جمال عطية والدكتور سيد دسوقي.

أما فيما يتعلق بمحاولات إصلاحية من مجموعات فقد أكدت دراسة أبو العلا على أنه من أهم المجموعات التي حاولت القيام بدور إصلاحي للحركة سواء على مستوى الرؤى الفكرية أو الإصلاح الحركي:

1- جناح د. حسن الترابي في السودان الذي قدم رؤى إصلاحية واصطدم بفكرة البدهية للقادة في مصر والارتباط الوثيق معها.. ثم التنظيم الدولي الذي أدي إلى خروج الجسم الرئيسي للحركة في السودان عن حركة الإخوان في مصر وبقي جناحاً ضعيفاً جداً تمسك باسم الإخوان وبالارتباط بالجماعة في مصر.

2- مجموعة حركة النهضة في تونس وهي الحركة التي كان لها رؤى أكثر استنارة ونضجا واختلفت كثيرا عن رؤى الجماعة الأم في مصر وإن ظلت جزءا من الحركة ولم تنفصل عنها.

3- الجناح الإصلاحي في جماعة الإخوان المسلمين بالأردن والذي تزعمه المراقب الحالي للجماعة بالأردن الأستاذ عبدالمجيد زنيبات والتي انتهت محاولاته الإصلاحية بتغيير القيادة القديمة والتاريخية للجماعة بالأردن وعلى رأسهم الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة (أبو ماجد). وكثير من العناصر المتشددة في الجماعة وتجديد جزء كبير من الرؤى الفكرية والسياسية للجماعة هناك.

4- حركة حماس في فلسطين، بالرغم من ارتباطها بالجماعة إلا أن الحركة استطاعت أن تطور خطابها السياسي وخاصة فيما يتعلق بعلاقتها مع الأنظمة العربية، ولم ترتبط بنظرة الحركة الأم أو حركة الإخوان بالأقطار التي بينها وبين أنظمة الحكم بها مشكلات وصدام مثل سورية ومصر وغيرها.

5- الجناح الإصلاحي داخل الجماعة في مصر، وهو الجناح الذي يتكون من قيادات وسيطة جزء كبير منها كانوا قادة للحركة الطلابية الإسلامية بالجامعات قبل انضمامهم للإخوان وكذلك جزء آخر لم يكن له صلة بهذه المدة، وبدأ دور هذا الجناح بالإصلاح بعد غياب المرشد الأسبق المرحوم الأستاذ عمر التلمساني في العام 1986واستمر في دوره في محاولات تجديد الرؤى الفكرية والسياسية وكذلك محاولات تصحيح أسلوب الإدارة، حتى خرجت مجموعة منه بسبب تكوين حزب الوسط عام 1996بعد اليأس من الاستجابة للتغيير وبقي جزء آخر مستمر في دوره الإصلاحي داخل الجماعي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق