الأحد، 10 مايو 2009

المعترك السياسي
أما الاهتمام بالعمل السياسي التنافسي على حساب العمل الدعوي، فقد أصبح الهم الأكبر الذي يؤرق الفاهمين. وإذا كان حسن البنا مارس العمل السياسي وخاض الانتخابات البرلمانية مرتين في الأربعينيات من القرن العشرين، إلا أنه أدرك مغبة تعريض الإخوان للعمل السياسي، وحاول قدر جهده أن يعيد الجماعة إلى حظيرة "الدعوة" الخالصة ولكن الجماعة لم تترك من وقتها فكرة مزاولة العمل السياسي فاصطدموا عن طريق مرشدهم الثاني حسن الهضيبي برجال الثورة واعترفت الكثير من كتابات الإخوان بخطأ الهضيبي الأب في إدارة الأزمة مع رجال الثورة ثم إذ بحركة الإخوان في عهدها الجديد وخاصة من بداية عهد حامد أبو النصر تتحول إلى حزب سياسي يحمل راية المواجهة الانتخابية ويعادي كل الفصائل والأحزاب السياسية القائمة.

وفكرة المواجهة الانتخابية وإن كانت تصلح للأحزاب السياسية، إلا أن الإخوان كحركة "دعوة" "إصلاحية" رفضت أن تتحول إلى "حزب" في الوقت الذي صممت على "ممارسات الحزب" للسياسة فوقعت في تناقض واضح وهو التصميم على الثبات على شكل الجماعة ورفض شكل الحزب، إلا أنها سعت إلى الممارسة الحزبية، بما سيتتبعه هذا الأمر من خوض الانتخابات في جميع المجالات ومزاحمة الحكومات القائمة مما يؤدي إلى تأليب هذه الحكومات على الإخوان. والإشكالية الكبري التي تتفرغ من هذا الخلط هو أننا بحسباننا أصحاب دعوة وأصحاب حركة إصلاحية نسعي دائما إلى دعوة الناس للمنهج الوسطي للإسلام وإلى كسب ود الجماهير وإلى مخاطبة النخب السياسية والفكرية بما يقربهم من فكرة شمولية الإسلام ثم إذ بنا في الوقت نفسه نسعي إلى المنافسة الانتخابية معهم - بما تخلقه من عداوات - وهوما يترتب عليه استنفار هذه القوي ضد الدعوة الحركة الإصلاحية.

أما عن عدم قدرة الجماعة على قراءة الواقع السياسي فضلا عن عدم قدرتها على التعامل معه فيبدو ذلك واضحا في قراءة الخرباوي للمشهد إبان العدوان على العراق وأحداث انتفاضة فلسطين حيث ثار تساؤل كيف تقدم الجماعة أثناء الانتخابات البرلمانية آلاف المعتقلين ولا تقدم معتقلا واحدا في أحداث الانتفاضة الفلسطينية وإبان العدوان على العراق؟ ؟ وما هو تبرير تصريحات الهضيبي بأن تعبير الجهاد يساء استخدامه؟ وكيف نفهم الاجتماع السري الذي عقده بعض قادة الإخوان مع ممثلين أوروبيين رسميين ومنهم بريطانيون بالقاهرة قبل عدة أسابيع، وهو ما سمي اجتماع الإخوان بالنادي السويسري؟ وكيف نفهم الطلب الملح الإخوان بالالتقاء ببعض المسئولين الأمريكان؟

هذا بعض من كل واقع حركة الإخوان، بفضل شيخوخة من يحكمها تحولت إلى عقل عصفور وجسد ديناصور يبحث عن أولويات خاصة به هو ويقدمها على أولويات الأمة العربية. كما يقدمها على أوليات الأمة الإسلامية بأكملها. لذلك لا مانع لدي عقل العصفور أن يعمل من أجل التنظيم فيجاهد شباب الإخوان للحبس مدد تطول أو تقصر في سبيل هذه الغاية ثم لا يعمل من أجل الانتفاضة إلا بعمل متفق عليه سلفا مع الحكومة وفي إطار شبه رسمي بزعم عدم تعريض الإخوان للحبس! كما أنه لا مانع لديه من أن يقدم العشرات من النقابيين المتميزين إلى المحاكم العسكرية في سبيل استمرار الحضور القومي في النقابات المهنية ولا يقدم معتقلا واحدا احتجاجا على الاعتداء على دولة عربية وينأي بنفسه عن المشاركة فى كافة الفصائل بل ويطلب "عقل العصفور" ممن قصده طالبا مشاركة الإخوان في مظاهرة أن يحضروا له موافقة مكتوبة من الأمن!! والحديث يطول ولا ينتهي عن عدم فهم الواقع السياسي وعم القدرة على التعامل معه. الأمر الذي أدى إلى أزمات حاكمة بددت أمن وأمان أفراد التنظيم وجلبت سخطهم إلا أنه مازال مكتوبا يدور داخل المرجل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق