الثلاثاء، 19 مايو 2009

أولا- دواعي التغيير وأهميته بالنسبة للمؤسسة:
في ظل التحولات العميقة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، والذي وصف بأوصاف شتى: اقتصاد المعرفة، الاقتصاد الرقمي، اقتصاد المعلومات، والتي انعكست بوضوح على قطاع الأعمال، لم يعد هناك مكان للتسيير التقليدي الذي يقوم على قرارات فردية يتخذها صاحب المؤسسة (أو المسير)، حيث المعلومات كانت محدودة والأدوات والآليات متواضعة نسبيا والهياكل أقل بساطة، فالأسواق اليوم أصبحت مُعَولمة، ودورات حياة المنتجات تقلصت، وظاهرة المؤسسات العابرة للقارات تنامت (المؤسسة الشبكة)، واتخاذ القرارات أصبح يعتمد أكثر فأكثر على الأنظمة الخبيرة ... إلى غير ذلك من التحولات، وهذا يجعل من التغيير لا مناص منه(1)، وفي هذا الصدد يؤكد (Wind & Main) أنه من الصعب أن توجد مؤسسات تعمل في الوقت الحاضر كما كانت تعمل في الثمانينات، لأن الكثير يحاول التكيف والتعامل مع التغيير والتطور السريع، إلا أن القليل منها استطاع أن ينجح في ذلك، ويرجع السبب الرئيسي في إخفاق الكثير منها إلى غياب الكفاءات وأن القياديين في تلك المؤسسات لم يستطيعوا توفير المتطلبات الرئيسية لعملية التغيير والتعامل معه بالشكل الصحيح(2).
ومن منظور الاقتراب التنظيمي للمؤسسة، أي باعتبارها نظام يتكون من مجموعة أنظمة فرعية تتفاعل فيما بينها، وكونها تتواجد في نظام خارجي يتكون بدوره من أنظمة فرعية أخرى أشمل (اقتصادية، سياسية، اجتماعية)، فإن التغيير في هذه الأنظمة ينعكس في تغيير المؤسسة بالضرورة (3) .
1- الحاجة للتغيير:
بصفة عامة الحاجة للتغيير في المؤسسات خاصة العمومية منها، تظهر على الأقل لمواكبة الحركة الدائبة للتغييرات الاقتصادية وقوة المنافسة(4)، فمن الضروري أن يتوافر لدى المؤسسات الدافع الذاتي لإحداث التغيير، فإذا لم يعتقد أعضاءها بحتمية التغيير فلن يتوافر لديهم الالتزام بنتائجه، وبالتالي لن ينجح برنامج التغيير في تحقيق أهدافه، وتتولد الحاجة إلى التغيير نتيجة العوامل(5):
ا- زيادة حدة المنافسة الخارجية خاصة في ظل ما يطلق عليه بالعولمة وانفتاح الأسواق على بعضها، وإنظمام الكثير من الدول للمنظمة العالمية للتجارة (OMC).
ب- متطلبات الجودة الشاملة (TQM).
ج- زيادة القوة التي يتمتع بها العملاء والمستهلكون وسيادة عصر التوجه للعميل واحترام المستهلك والعمل على إرضاءه.
د- التغير المستمر في رغبات وأذواق المستهلكين.
ه- الارتقاء بمستوى جودة الخدمة وزيادة رضا المستهلك.
و- تزايد تعقُد الأعمال بسبب التزايد في حجم المؤسسات، لا مركزية السلطة، تنوع خطوط الإنتاج، الدمج، وتزايد حساسية العمليات الداخلية لقوى بيئية لا يمكن السيطرة عليها.
ز- ارتفاع الأهمية النسبية لقطاعات الخدمات على حساب القطاعات الإنتاجية.
ح- متطلبات التجارة الدولية؛ حيث يقتضي العمل والتنافس في المجال الدولي فرصا ومشكلات عديدة، ويجب أن تكون لدى المؤسسات القدرة على التنافس والتكيف مع الفوارق الثقافية وأساليب الاتصال وأخلاقيات العمل وإجراءاته.
2- أهداف التغيير:
لابد وأن يكون للتغيير المخطط والمدروس أهداف محددة يسعى إلى تحقيقها، وبصفة عامة فإن أهداف التغيير تتلخص في الآتي (6):
ا- إحياء الركود التنظيمي وتجنب التدهور في الأداء، وتحسين الفعالية من خلال تعديل التركيبة التنظيمية.
ب- التخلص من البيروقراطية والفساد الإداري.
ج- خلق اتجاهات إيجابية نحو الوظيفة خاصة العمومية منها وتنمية الولاء لدى العاملين.
د- تخفيض التكاليف من خلال الكفاءة وفعالية الأداء وحسن استخدام الموارد البشرية للآلات المتاحة، والموارد، والطاقة، ورأس المال.
ه- زيادة قدرة المؤسسة على الإبداع والتعلم.
و- بناء محيط محابي للتغيير والتطوير والإبداع.
ز- زيادة الثقة والاحترام والتفاهم بين أفراد المؤسسة.
ح- تطوير قيادات قادرة على الإبداع وراغبة فيه.
ط- خلق اتجاهات إيجابية نحو الوظيفة العامة وتنمية الولاء لدى العاملين.
ك- تحسين الانطباع الذهني لدى الرأي العام عن المؤسسة (7).
ومنه يمكن القول أنه من المهم أن تطور كل مؤسسة قدرتها على التكيف مع البيئة بدافع التعامل معها، وهذا ما يجعل من التغيير يتطلب مجموعة من الكفاءات وإدارة خاصة في المؤسسة لتطوير وتنمية حوافز عمالها، وبالتالي تطوير وتنمية كفاءتها الكلية، وهذا ما يسمى"بالمؤسسة المتفاعلة"(8).
وتكمن أهمية التغيير في كونه بات من أهم متطلبات التقدم والتطور لمؤسسات اليوم، ولم يعد ينظر إليه كوسيلة تستخدمها بعض المؤسسات تبعا لظروف معينة، التي ما إن تمر حتى تعود كل الجهود المبذولة إلى حالة الركود والاستقرار، فما يمكن ملاحظته في الوقت الراهن من تنافس كبير بين المؤسسات لتحقيق الاستقرار والنجاح، وهو ما أدى بها إلى حركة دائبة لا تهدأ مع التغيير والتطوير، لأن الصفة والسمة المشتركة بين المؤسسات المعاصرة، هي ضرورة التغيير والتطوير لمواكبة التغييرات المختلفة في محيطها الخارجي(9).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق