الثلاثاء، 19 مايو 2009



تاريخ التسجيل: Sep 2003
المشاركات: 3,254
مديـر المدرسة ودوره في إدارة التطوير
مديـر المدرسة ودوره في إدارة التطوير دواعي التطوير ومن المسئول عنه ومتطلبات التطوير تفرض العولمة على مدير المدرسة العصري البحث عن وسائل مناسبة تمكنه من التعامل مع تلك التغيرات بصفتها فرص أو تحديات، وضرورة السعي الدائم إلى التكيف مع التغيير والاستفادة منه، بل إن ذلك يفرض عليه أن يتعامل مع التغيير بصورة إيجابية، وأن يكون متوقعا ومتنبئا وبادئا بالتطوير ومساهما ومشاركا ومنفذا له.
كما أن عليه أن يدرك أن التغيير ضرورة حتمية وقاعدة جوهرية للتطوير ومواكبة عصر العولمة وبالتالي فإن عليه أن يتبنى سياسته ويضعها ضمن خططه المستقبلية، وهو في ذلك كله بحاجة إلى أن يدّرب نفسه على التطوير وأن تكون لديه من المهارات والقدرات ما يمكنه من تسخيرها في تحريك عجلاته ويشحذ الهمم لقبوله، مديرا يؤمن بالتطوير الهادف والمخطط، يهدف من خلاله إلى إصلاح البيئة المدرسية بكل مقوماتها وعناصرها المختلفة والبحث عن الأفضل وبما يسهم في إثارة كوامن الإبداع في البيئة المدرسية.
إن العولمة وما تحمله من تحديات وفرص على العملية التعليمية تفرض وجود مدير يضطلع بدوره المبدع المتجدد، ينمي طاقاته ويثري قدراته إلى أبعد الحدود، صاحب أفكار جديدة مصمما لتغيير خططه فهو يبحث عن فرص جديدة ومشكلات متوقعة.والسؤال الذي يفرض نفسه في هذا المقام، كيف يمكن لمدير المدرسة أن يدير مدرسة اليوم والمستقبل؟ هل بأسلوب يتفق مع تطورات العصر وما تحمله العولمة من تغيرات ؟ أم يديرها بأسلوب كلاسيكي قد لا يحمل في داخله الاستعداد الكافي للتجديد والتطوير والتكامل؟من خلال هذه التساؤلات هل فعلا نحن مستعدون لقبول التطوير ؟ وهل مدارسنا فعلا بحاجة إلى التغيير والتطوير؟ وما نوع التطوير الذي نسعى إليه؟ وهل سيؤثر هذا التطوير على مبادئنا وقيمنا وثقافة المدرسة؟ وكيف تستطيع أن نؤثر في الآخرين لقبول مبدأ التطوير ؟ وكيف يستطيع مدير المدرسة أن يتعامل مع الأفراد في حالة مقاومتهم لعملية التطوير؟
تساؤلات عدة على مدير المدرسة أن يطرحها على نفسه وهو يريد التغيير والتطوير في البيئة المدرسية بعناصرها المختلفة.ونحن إذ نتواصل معك أخي القارئ الكريم في محور آخر يسهم بشكل كبير في تشكيل مدير المدرسة العصري، ولا غنى عنه في نفس الوقت بالنسبة لمواجهة ومواكبة تحديات العولمة، نتواصل معك ضمن السلسلة الإدارية { مدير المدرسة وتحديات العولمة } لنعرّج فيها هذه المرة على { مدير المدرسة ودوره في التطوير }، ونهدف من خلالها إلى وضع مدير المدرسة في الصورة الأمثل عما يدور حوله من متغيرات حديثة من خلال إبراز العناصر والإستراتيجيات والمهارات التي يمكن من خلالها أن يتكيف مع متطلبات العصر ويستفيد من فرص العولمة في سبيل تنمية وتطوير العملية التعليمية بالمدرسة ويواجه تحدياتها بأسلوب يعتمد على الوعي والإيجابية والتخطيط في قبول التغيير والتطوير، أسلوب يحمل بين طياته الإبداع والابتكار.وتهدف هذه الورقة إلى وضع تصور واضح لدى مدير المدرسة بشأن إدارته للتغيير والتطوير بمدرسته؟ وكيف يستطيع أن يتعامل مع رياح التغيير التي لم تقتصر على البيئة الخارجية للمدرسة فحسب بل شملت البيئة الداخلية للمدرسة في أهدافها وهيكلها ومناهجها ونظامها التعليمي وبرامجها وأنشطتها وأسلوبها في العمل والقيم والمبادئ (ثقافة المدرسة)؟ وما هي مسؤولية مدير المدرسة في التعامل مع التغيير، والتصدي لمعوقات التطوير؟وتنبع أهمية هذه الورقة من أهمية موضوع التطوير وإدارته، إذ أنه بلا شك يعد قاعدة جوهرية للعمل المدرسي في هذا العصر، إذ التغيير واقع لا محالة، وما دام كذلك فإن تعامل مدير المدرسة معه ومنهجية هذا التعامل وأساليبه، ووسائل مواجهة مقاومة التطوير يعد ركيزة أساسية لا خلاص منها لأي مدير مدرسة يسعى إلى التميز والتفوق والنوعية في زمن أصبحت فيه المنافسة وسيلة التقدم والتطور.وتجيب هذه الورقة عن الأسئلة التالية: ما مفهوم إدارة التطوير؟ وما هي دواعيه وسماته وفوائده للعمل المدرسي؟ وكيف يتعامل مدير المدرسة مع التطوير ؟ ومن يقوم بالتطوير ؟ وما هي مسؤولية مدير المدرسة في التصدي لمعوقات التطوير؟
مفهوم إدارة التطوير:أشار ( Fred Nickols, 2000 ) إلى ثلاثة معاني رئيسة تشكل مفهوم إدارة التطوير وهي كالتالي: 1-مهمة التطوير الإداري ، ويشمل هذا المحور معنيين مهمين هما:أ-إن معنى إدارة التطوير يشير إلى القيام بعمل التغييرات بأسلوب مخطط ومدار ومنظم.ب-المعنى الثاني يعني الاستجابة إلى التغييرات القليلة أو غير المنظمة التي تطرأ على أنشطة المؤسسات.2-المعنى الثاني لإدارة التغيير هو: مساحة الممارسة المهنية.3-يشير التعريف الثالث لإدارة التطوير بأنها: محتوى المعرفة، أي محتوى أو مادة بحث إدارة التطوير. وهذا يتضمن ( النماذج والطرق والأساليب، الأدوات، المهارات ).
ويعرفه كلا من ( Susan Talley & Hollinger, 1998 ) بأنه ذلك التغيير الذي يهدف إلى إحداث إصلاح في جميع جوانب ومجالات المدرسة، حيث يستهدف تحسين إنجاز الطلاب، وتحقيق نتائج أخرى بهدف خلق جهد تعاوني مركز.بينما يرى ( Carter Namara, 2001 ) بأن مفهوم التغيير التنظيمي يسلط الضوء على التغيير الشامل للمنظمة وفي جميع جوانبها، وهو يشير إلى إعادة التطوير في طريقة عمل المدرسة.
ويعرفه ( الصفّار، 2002 ) بأنه خطة طويلة المدى لتحسين أداء الإدارة في طريقة حلها للمشكلات وتجديدها وتطويرها لممارساتها الإدارية.ويمكن تعريف إدارة التطوير بأنها: ذلك التغيير الهادف والمخطط الذي يقصد به تحسين فعالية الإدارة المدرسية في مواجهة الأوضاع الجديدة والتغيرات الحاصلة في البيئة المدرسية، بما يعبر عن كيفية استخدام أفضل الوسائل فاعلية لإحداث التطوير لتحقيق الأهداف المنشودة.ومن خلال ما سبق يتبين لنا ما يأتي:
-إن التطوير يتطلب وضع إستراتيجية متكاملة وصياغتها بحيث يحدد فيها الأهداف والمحاور والأساليب واستراتيجية التنفيذ والمنفذون والموارد المالية والخبرات والطاقات المدرسية وموضوع التغيير ذاته وأثاره الإيجابية والسلبية وقبلها يتم تحليل البيئة المدرسية والمتغيرات التي يجب إجراء التغيير بسببها إلخ.-يتطلب التطوير قرارات الإدارة العليا ويبدأ بها، وهو يحتاج إلى قناعة الأفراد به .-عمليات التغيير والتطور المدرسي تتم من خلال مجموعة من البرامج والخطط ومساقات للتدريب وتشكيل فريق للتغيير.-يتطلب معرفة درجة تأييد التطوير ومقاومته من قبل أفراد المجتمع المدرسي جهودا مسبقة للتنفيذ، تهتم بكيفية إدارة مقاومة التطوير وكيفية التعامل معها والأساليب المتبعة في ترغيب الأفراد بأهمية التطوير.
لماذا نغـيرّ؟ دواعي التطوير.يرى( Carter Namara, 1993 )بأن التطوير يجب أن لا ينظر إليه على أنه غاية في حد ذاته، إنما هو إستراتيجية لتحقيق الأهداف العامة للمؤسسة، كما أن الهدف منه التطوير على مختلف مستويات دورة حياة تلك المؤسسات.وعلى هذا فإن لكل شيء سبب، والتغيير له أسباب وضرورات تحتم وجوده،ومنها:-فكما هو معلوم بأننا نعيش عصر تتسارع فيه سبل التغيير المختلفة التي فرضتها طبيعة العولمة، والتي بلا شك كان لها تأثيرها على مجالات مختلفة وبالأخص النظام المدرسي ودور مدير المدرسة العصري، ولهذا فمن أجل مواجهة التحديات المعاصرة والاستفادة من الفرص كان لزاما على مدير المدرسة أن يبنى خطط التغيير المدروسة من خلال مشاركة العاملين بالمدرسة في تحقيقه وإدارته من خلال الأخذ بالإبداع والتميز والتفوق.وإلى ذلك أشارت ( Rosabeth, Moss, 1999 ) في مقالها، إذ ذكرت بأن التغيير التنظيمي أصبح طريق الحياة باعتباره نتيجة لثلاثة عوامل هي : العولمة، وتقنية المعلومات، والثورة الصناعية.
-إن التغلب على الروتين القاتل والأسلوب الكلاسيكي الذي تدار به مدارسنا في الوقت الحالي، والذي لم يصبح له أي فائدة في نجاح أي مؤسسة ومنها المدرسة ولم يمنحها ما تهدف إليه من تخريج جيل واع بمن حوله، مدرك بما عليه من مسؤوليات، يستطيع مواجهة العولمة والاستفادة من فرصها بما يمنحه القدرة على التميز والتفوق والعطاء، يحتم بلا شك اللجوء إلى التغيير الهادف والمدروس والمخطط له، ولهذا كان لزاما على الإدارة المدرسية أن تنتقل من مرحلة الجمود إلى مرحلة حركية ديناميكية تختصر الوقت وتستثمر الطاقات والقدرات والمواهب.ومن دواعي التطوير أيضا ما يلي:-تطوير أساليب الإدارة المدرسية في علاجها للمشكلات والتغييرات التي ثؤثر على البيئة المدرسية بما يساعدها على التكيف مع تلك التغييرات بأسلوب يحمل بين جنباته المرونة والاستمرارية.
-رفع حماس أفراد المجتمع المدرسي وزيادة دافعيتهم في سبيل قدرتهم على التعامل مع معطيات العصر وثورة المعلومات من خلال إدراكهم للدور المنوط بهم مستقبلا وقدرتهم على المنافسة الواعية لمسايرة ركب التطور العلمي وثورة المعلومات.-بناء مناخ مدرسي يساعد على التطوير والتجديد والإبداع يعمل أفراده بروح الفريق الواحد .
ومن هنا يمكن القول بأن على إدارة المدرسة أن تدرك مدى حاجتها للتغيير، وأن تتنبأ بالمستقبل وتدرس أوضاعها وأفكارها وبيئتها ومدى التقدم الحاصل حولها بحيث تقيس نفسها إلى ما حولها، إذ المدرسة بلا شك مسئوليتها في هذا الجانب أعمق وأكثر أهميه، إذ هي تخّرج الأجيال الذين ينخرطون فيما بعد إلى سوق العمل ومعترك الحياة العملية، وهذا في حقيقة الأمر يضيف أدوارا أخرى إلى أدوار مدير المدرسة، وبالتالي فإن عليها أن تخطط للتغيير والتطوير كلما أدركت الحاجة إليه أو أن واقع العمل المدرسي يتطلبه.
من يقوم بالتغيير والتطوير داخل المدرسة؟إن عملية النهوض بالمدرسة وتحويلها إلى مؤسسة ناجحة فعالة تواكب متطلبات العصر، تعتمد بشكل كبير على بناء أرضية مشتركة واسعة يقف على شؤونها وتنفيذها جميع أفراد العمل المدرسي، وتعتمد أيضا على جهود مدير المدرسة وكل العاملين معه في فهم وتقبل كل منهم لدوره ومواقف وآراء الآخرين نحو عمليات التغيير و التطوير، إذ الجميع يعمل بروح الفريق الواحد.وعلى هذا فهناك العديد من الأشخاص في مختلف الأدوار والمستويات أو المواقع يسهمون في تسهيل وإدارة التطوير هؤلاء كما يرى ( Ann Tarnbaugh, 2001 ) يمكن أن يكونوا مشرفين، موظفين من الإدارة المركزية، مدراء المدارس، المعلمين، الطلاب، المستشارين من داخل المؤسسة ومن خارجها، أعضاء اللجان المدرسية، وأفراد المجتمع المدرسي.
ثانياً :- المشاركة :-يرى ( Chris Flliott, 1992 ) إن التطوير يكون أكثر إيجابية ويحقق نجاحا بصورة أكبر عندما يحدث بين زملاء العمل، الذين بقدر الإمكان يشتركون في فهم الحاجة للتطوير ويتفقون عليه.وتقوم الإدارة العليا هنا بإشراك باقي المستويات التنظيمية والعاملين في عملية التطوير ، ويعتمد هذا المدخل في التطوير على افتراض أن العاملين والمستويات التنظيمية ذات كفاءة وأهلية للمشاركة، وأنها ذات تأثير قوي على مستقبل الإدارة المدرسية، وبالتالي قد يكون من الأفضل وجود تفاعل بين المستويات التنظيمية المختلفة الرأسية والأفقية، سواء بين المعلمين والإداريين أو بين المعلمين والطلاب أو بين الطلاب وإدارة المدرسة.وتتم مشاركة العاملين في التطوير التنظيمي بأحد الشكلين الآتيين:-- إتخاذ القرار الجماعي.. وتقوم الإدارة العليا هنا بتشخيص المشاكل وتعريفها ودراستها، وتقوم أيضا بتحديد بدائل الحلول، يلي ذلك أن تقوم الإدارة العليا بإعطاء توجيهات إلى المستويات التنفيذية بدراسة هذه البدائل، واختيار البديل الأنسب لها. وهنا يقوم العاملين ببذل قصارى جهدهم في دراسة البدائل واختيار ذلك البديل الذي يناسبهم ويحل مشاكلهم. - حل المشاكل الجماعية.. وهذا الأسلوب في المشاركة أقوى وأعمق ، وذلك لان العاملين لا يقومون فقط بدراسة البدائل واختيار أنسبها ، بل يمتد ذلك إلى دراسة المشكلة، وجمع معلومات عنها، وتعريف المشكلة بدقة والتوصل إلى بدائل الحل والعلاج.
ثالثاً: التفويض والصلاحيات:-تقوم الإدارة العليا هنا بإعطاء بعض الصلاحيات لباقي المستويات التنظيمية والعاملين بالمدرسة في تحديد معالم التغيير والتطوير المناسبة، وعلى هؤلاء العاملين في المدرسة ( الجهاز الإداري والفني ) أن يضطلعوا بمعظم مهام التطوير من تحديد للمشاكل وبدائل الحلول واختيار الحل المناسب واتخاذ القرارات التي يعتقدون أنها مناسبة لحل مشاكلهم . ويتم التفويض للمستويات التنظيمية والعاملين بأحد الأسلوبين الآتيين:--مناقشة الحالة .. ويتم أخذ مشكلة أحد جوانب العملية التعليمية ( المعلم، الطالب، الصفوف الدراسية، الأنشطة، القضايا الأخلاقية بالمدرسة، المجتمع المحلي، الخ ) كحالة واجبة النقاش ويقوم مدير المدرسة بتوجيه المناقشة بين العاملين، ويتم ذلك بغرض اكتساب العاملين المهارة على دراسة مشاكلهم، وبفرض تقديمهم لمعلومات قد تفيد في حل المشكلة ، وعلى هذا فإن تدخل المدير ليس بفرض حلول معينة، وإنما لتشجيع العاملين لكي يصلوا إلى حلول ذاتية لمشاكلهم.- تدريب الحساسية .. ويتم هنا تدريب العاملين في مجموعات صغيرة لكي يكونوا أكثر حساسية لسلوك الأفراد والجماعات التي يتعاملون معها، كما يتم التركيز أساساً على إكساب العاملين مهارة التبصر بالذات والوعي لما يحدث من حولهم، والتأهب والحساسية لمشاعر وسلوك الآخرين . ويعتمد هذا المدخل على افتراض أساسي هو أنه بإكساب العاملين المهارات السلوكية المطلوبة وحساسيتهم لمشاعر الآخرين ولمشاكل أفراد المجتمع المدرسي ، يمكن تطوير العمل بشكل أفضل، أي أن التطوير التنظيمي يعتمد إلى حد كبير على تطوير وتنمية العلاقات والمهارات الشخصية للعاملين.
ما الذي يتم تطويره وتغييره؟ تشير ( Kathleen, Cushman, 1993 ) إلى أن التغيير يكون في ثلاثة جوانب رئيسة هي: تغيير في ممارسات المعلمين في الصفوف الدراسية، تغيير في الاتجاهات والمواقف والسلوكيات، تغيير في هيكل وبنية العمل المدرسي.إنه مما لا شك فيه أن التغيير الفعال يقاس بما يمكن إحداثه في سلوك الأفراد من طلاب ومعلمين وإداريين فالتغيير يجب أن يبدأ في سلوك الأشخاص وماذا يسعون وما يريدون أن يصلوا إليه مستقبلا؟ وبماذا يخططون ولماذا يعملون؟ فهو نظرة شمولية مستقبلية تنظر إلي المستقبل وما يتبعه من وعي وتخطيط، والتغيير الحقيقي يجب أن يبدأ باستخدام العقول المبدعة وتفجير الطاقات الكامنة في العقل البشري نحو تحقيق الخير للفرد والجماعة. ذلك لأن الأداء الناجح للأفراد داخل مؤسساتهم يعني أن هناك توافقاً بين الأفراد ( أهدافهم ودوافعهم وشخصياتهم وقدراتهم و آمالهم ) من ناحية ، وبين الإدارة (مهام وأدوار ووظائف وأهداف وتكنولوجيتها وإجراءات من ناحية أخرى) ، وهذا ما ينبغي أن يتم من خلال تغيير ثقافة الفرد بما يسهم في تحقيقه لأهدافه وأهداف مؤسسته وبل ومجتمعه بما لا يمس من قيمه ومبادئه الحقة، بل يجعل تلك المبادئ طريقا للنجاح والتميز.
متطلبات التطوير والتغيير الفعال:يمكن تحديد متطلبات التطوير الفعال في الآتي:1-يتطلب التطوير الفعال التركيز على الغرض المتوقع الذي يوافق عليه جميع الأفراد في المؤسسة. فبدون الموافقة المتحمسة من المعلمين في البيئة المدرسية فإن التطوير قد لا يحدث تغييرا واسعا محتملا في العمل المدرسي ( Jamie Mc Kenzie, 2000).2-يتطلب القيام بالتطوير الفعال تنمية ورعاية وضرورة ارتباط الهيئة التدريسية بمجالس المدرسة.3-يتطلب القيام بالتطوير الفعال وضع استراتيجيات واستخدام متوازن للموارد والمصادر.4-يستلزم القيام بالتطوير الفعال وقتا طويلا ومعرفة كافية بالضغوطات اليومية المتعلقة بالبيئة المدرسية.5-التخطيط للتطوير، وإيجاد التنسيق والتكامل بين البرامج والأنشطة المدرسية بحيث لا يعمل كل جزء على حده، وعلى مدير المدرسة لتحقيق ذلك أن يطرح التساؤلات التالية: ما الذي نريد القيام به؟ وكيف نعمل؟ لماذا نقوم بالتطوير؟ ما الأهداف التي نسعى لإنجازها؟ كيف نضع خطة للوصول إلى تحقيق تلك الأهداف؟ ماذا نحتاج للوصول إلى الأهداف؟ ما الوقت الذي تتطلبه لإنجاز الأهداف؟ ما مقياس تحقيق التغيير لمستويات النجاح المتوقعة؟ ما المؤشرات التي يمكن من خلالها قياس النجاح الحاصل؟ هل بالإمكان تشكيل فريق عمل لإدارة التطوير ؟ ما هي الإيجابيات التي سوف تعود على المدرسة نتيجة التطوير ؟، أي التغييرات ضرورية؟ 6-توفير المناخ المدرسي المناسب لعملية التطوير.7-استخدام الوسائل التقنية الحديثة ومصادر المعلومات لتسهيل عملية التغيير والتطوير.8-توفير الموارد البشرية والكوادر المؤهلة القادرة على التغيير والتطوير.
مقاومة التغيير و التطوير:إن من أصعب الأمور التي تواجه مدير المدرسة وأكثرها تعقيدا هو ما يحدث من مقاومة بعض أعضاء هيئة التدريس بالمدرسة لعمليات التغيير والتطوير في برنامج العمل المدرسي، وما يتبع ذلك من تخليهم عن القيام بمسؤولياتهم في هذا المجال، أو موقفهم السلبي من هذا التغيير و التطوير.ولعل هناك أسبابا تدعوا إلى مقاومة التطوير ومنها:عدم وضوح أهداف التطوير لأفراد المجتمع المدرسي، الضغوط الكبيرة التي قد ترتبط بعمليات التغيير على العاملين بالمدرسة، تعارض الآراء وعدم التوافق بين إدارة المدرسة والهيئة التدريسية بها، الأسلوب الذي يطرح به التطوير والذي يعتمد على إجبار الجميع على الأخذ به، ضعف الأهمية الناتجة من وراء هذا التطوير ، الرضا بالوضع الحالي للمدرسة، ضعف الوعي بين العاملين بالمدرسة حول ما يدور في العالم من تغيرات وتطورات، التغيير في المواقع والأدوار والمسؤوليات، قلة الحماس من البادئين بالتغيير والاستمرار فيه.
مسؤوليات مدير المدرسة في التصدي لمعوقات التطوير:إن على مدير المدرسة أن يعترف بوجود هذه المقاومة وبالتالي فإن عليه أن يفسح صدره وفكره، وأن يكون مرنا في التعامل مع هذه المقاومة بالطريقة التي تعتمد على الإيجابية والإقناع والحوار والمشاركة وتقديم الحوافز، وبث روح التفاؤل، والمرونة في نمط التغيير، والتفويض، من خلال فهم سلوكيات العاملين معه، ومعرفة الأسباب والدوافع التي تؤدي إلى مقاومة التغيير و التطوير ، ومدى مرونة التغيير وارتباطه بواقع البيئة المدرسية واستشرافه للرؤية الإستراتيجية للعمل المدرسي، وتبني الإستراتيجيات التي تسهم في اقتناع المعلمين وغيرهم بأهمية التغيير وضرورته لتحقيق فاعلية العملية التعليمية ونجاح المدرسة وقدرتها على التعامل مع التغيرات التي تطرأ عليها من الداخل والخارج، وكذلك عليه دراسة الأوضاع الحالية للمدرسة بكل ظروفها والنتائج المتوقعة لعملية التغيير وتحليل المواقف كل ذلك يسهم بدوره في تحقيق خطوات سليمة في سبيل اكتمال مشروع التطوير وقبول الأفراد به، كما أنه مطالب بالمبادأة والمبادرة والتطوير واعتبار ذلك جوهر العمل المدرسي في الوقت الراهن لمواجهة تحديات العولمة
ويمكن تحديد بعض الوسائل والإجراءات والإستراتيجيات التي تساعد مدير المدرسة في التصدي لمعوقات التطوير ومنها: 1- إيجاد وعي بالتغيير والاقتناع بضرورته؛ وأول خطوة في هذا المجال وقبل كل شيء علينا تجنب المفاجآت والقرارات الفوقية أو الارتجالية عن طريق إحاطة العاملين علماً مسبقاً بما يراد عمله وأهدافه ودواعيه، والأفضل من ذلك إذا جعلنا الجميع يشعرون بضرورة التغيير والمساهمة في اتخاذ قراره حتى يستعدّوا للنقلة وتقبّل الجديد بل والدفاع عنه مع الحفاظ على مستوى كبير من الثقة وحسن الظن بالإدارة، ويمكن اتباع أسلوب الاجتماعات واللقاءات والسماح للأفراد بإبداء الرأي ومناقشتهم في مجالات وطرق التغيير و التطوير.
2- العمل على إفهام العاملين بمضامين التغيير و التطوير ودوافعه ودواعيه وأسبابه بحيث يدركون ويتفهّمون الأسباب الحقيقية من وراءه، مما يقطع دابر الشكوك والقلق، ويقطع سبل الإشاعات التي قد يثيرها بعض المعارضين ليشوّشوا الأفهام ويقلقوا الخواطر.3- ضرورة إشعار العاملين المعنيين ( المعلمين، والآباء والمجتمع المحلي والطلاب) بالفوائد والإيجابيات التي يمكن أن تتحقّق لهم وللمدرسة من جرّاء التغيير و التطوير على اعتبار أنه عمل يراد منه الوصول بالجميع - أفراداً ومؤسسة - إلى الأفضل، الأمر الذي يسهم مساهمة فاعلة في زيادة المكاسب المادية والمعنوية للعاملين، ومن الواضح أنه كلما اطمأن العاملون للإدارة وحسن تدبيرها، بل وكلّما كانت الإدارة المدرسية تحتل موقعاً جيداً في نفوس العاملين معها بحيث يعمل الجميع بروح الفريق الواحد مديرا ومعلمين وطلابا، كلما كانت عملية النجاح أكبر.
4- الاستعانة بالأفراد والأطراف الذين لهم تأثير فاعل على الآخرين، ولو من خارج المؤسسة أو من غير المعنيين لشرح التطوير وبيان دوافعه وأسبابه وفوائده، فإن ذلك قد يكون في بعض الحالات أبعد للشكوك والظنون السيئة.
5-المشاركة… إشراك العاملين في كل مراحل التغيير و التطوير قدر الإمكان سواء في وضع التصور للتغيير والتخطيط والتنفيذ والمتابعة، إن تخفيض مقاومة الأفراد للتغيير يمكن أن تتم لو أنهم اشتركوا بفاعلية في ذلك التغيير الذي يمسهم، واشتراكهم يجب أن يتم بجعلهم يتعرفون على متى، ولماذا، وأين، وكيف يتم التغيير و التطوير ؟ ذلك لأن اشتراك الأفراد يجعلهم يحسون بأنهم جزء من النظام، وإن الإدارة لا تخفي شيئاً عنهم ، كما أن المشاركة يمكنها أن تظهر بعض الأفكار الجيدة من أفراد قد يعانون من مشاكل تحتاج إلي مثل هذا التغيير، وقد يكون أنسب طرق المشاركة هي في تشخيص المشاكل ومناقشة سلبيات العمل، فإن كان من السهل قيام أفراد المجتمع المدرسي بالتشخيص، فسيكون من السهل عليهم اقتراح أو تقبل العلاج.
6- تزويد العاملين بمعلومات مستمرة.. إن حجب المعلومات والمعارف المتعلقة بالتطوير عن أفراد المجتمع المدرسي، أو إعطائهم معلومات محدودة، أو معلومات غير سليمة ، أو معلومات غير كاملة هو مؤشر لبدء قلق العاملين، مما قد يخلق ذلك الوضع جواً من عدم الثقة. إن تزويد العاملين بالمعلومات سوف يسهم في إعطاء الفرصة للعاملين التفاعل مع المعلومات.
7-مراعاة قيم وعادات العاملين وقيم العمل.. على من يقوم بالتخطيط والتنظيم لعملية التغيير أن يأخذ في الحسبان عادات العاملين وقيمهم ومبادئهم واعتقاداتهم ( ثقافة المدرسة) والتي قد تمس عادات تناول الطعام وتبادل الحديث والإجازات وتماسك جماعات وأقسام وإدارات العمل وصداقات العاملين ومواعيد الحضور والانصراف وما شابهه من عادات راسخة في سلوك العاملين.
8- إثارة دافعية وحماس العاملين وبث روح التفاؤل بينهم.. إن إثارة حماس العاملين يؤدي إلى رفع رغبة الفرد في المشاركة والالتزام بالتغيير كما يجب .فعلى سبيل المثال إتاحة الفرصة للتعبير عن النفس وتحقيق الذات والإحساس بأن الفرد نافع والرغبة في الحصول على معلومات ، والرغبة في التعرف والعمل مع زملاء جدد، والإحساس بالانتماء إلى عمل خلاق ومكان عمل منتج، والرغبة في النمو والتطور من خلال الإبداع والتطوير ، وغيرها من مثيرات الحماس والدافعية .
9- استخدام أسلوب حل المشاكل.. يقال أن عملية التغيير والتطوير هي عملية مستمرة إلى الدرجة التي تغرس سلوك محدد في نفوس العاملين وهو إمكانية تقبل التطوير في المستقبل، وغرس الرغبة في مناقشة الأمور التي تحتاج إلى تغيير، وتنمية الوعي والإحساس بوجود مشاكل محيطة. ويحدث ذلك عادة عندما يمكن إقناع المديرين والعاملين بضرورة استخدام المنطق العلمي في حل المشاكل واتخاذ القرار، وهو الذي يبدأ بالتعرف على وتحديد المشاكل، ثم يتطرق إلى تحديد بدائل الحل، وتقييم البدائل، واتخاذ القرار أو الوصول إلى أفضل بديل من بين الحلول، وأخيراً تطبيق ومتابعة الحل، كما يمكن تشجيع اتخاذ القرارات الجماعية.
الخــلاصة:مما سبق يتضح لنا ما يلي :-إن التطوير وإدارته والتخطيط له أصبح اليوم عنصرا أساسيا في الإدارة المدرسية الفعالة، وهي سمة المدير العصري الناجح فالمدير الذي لا يدرج التطوير ضمن استراتيجية التطوير التي اعتمدها في مدرسته، لا يمكن أن يصل بمدرسته إلى التميز والتفوق، وأنّى لمدير يسعى لذلك وهو يدير مدرسته بأسلوب روتيني كلاسيكي؟ إذ فكيف نتوقع من مدير مدرسة تجديدا وتطويرا وحيوية وتقدما وهو لا يؤمن بالتطوير الهادف المخطط ؟.-إن حقيقة التطوير وما يعترض سبيله من معوقات تتطلب إعدادا جيدا لمدير المدرسة العصري، بحيث يكون لديه من المهارات والقدرات ما يستطيع وما تهيئة للتعامل مع التغيير ومتغيرات العصر بإيجابية ووعي ودراسة لما حوله من أحداث، ومدى اكتسابه لمهارة التكيف مع العصر بما يسهم في تطوير العمل التربوي ويخدم المبادئ والقيم الحقة، وهذا بالتالي قد لا يتأتى إلا بإسهام المؤسسات التربوية والإدارية في إعداد مديري المدارس وتدريبهم على التعامل مع التغيرات، وإتاحة فرص التدريب والتأهيل لهم حتى يكونوا قادرين على تحقيق هذه المسؤولية ذلك لأن التدريب للتطوير إنما يعني في المقام الأول التطوير السليم للأفراد. -أخيرا … نحن نريد مدير مدرسة يكون ملما بالتغييرات يقرأ الواقع ويستقرئ منه المستقبل ويستوعب التغييرات ويدرس انعكاساتها على الفرد والمدرسة بل والمجتمع ، ويعمل على التطوير الهادف والمخطط في سبيل إعادة البناء، فهو السبيل إلى تحويل تحديات العولمة إلى فرص.
أولا- دواعي التغيير وأهميته بالنسبة للمؤسسة:
في ظل التحولات العميقة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، والذي وصف بأوصاف شتى: اقتصاد المعرفة، الاقتصاد الرقمي، اقتصاد المعلومات، والتي انعكست بوضوح على قطاع الأعمال، لم يعد هناك مكان للتسيير التقليدي الذي يقوم على قرارات فردية يتخذها صاحب المؤسسة (أو المسير)، حيث المعلومات كانت محدودة والأدوات والآليات متواضعة نسبيا والهياكل أقل بساطة، فالأسواق اليوم أصبحت مُعَولمة، ودورات حياة المنتجات تقلصت، وظاهرة المؤسسات العابرة للقارات تنامت (المؤسسة الشبكة)، واتخاذ القرارات أصبح يعتمد أكثر فأكثر على الأنظمة الخبيرة ... إلى غير ذلك من التحولات، وهذا يجعل من التغيير لا مناص منه(1)، وفي هذا الصدد يؤكد (Wind & Main) أنه من الصعب أن توجد مؤسسات تعمل في الوقت الحاضر كما كانت تعمل في الثمانينات، لأن الكثير يحاول التكيف والتعامل مع التغيير والتطور السريع، إلا أن القليل منها استطاع أن ينجح في ذلك، ويرجع السبب الرئيسي في إخفاق الكثير منها إلى غياب الكفاءات وأن القياديين في تلك المؤسسات لم يستطيعوا توفير المتطلبات الرئيسية لعملية التغيير والتعامل معه بالشكل الصحيح(2).
ومن منظور الاقتراب التنظيمي للمؤسسة، أي باعتبارها نظام يتكون من مجموعة أنظمة فرعية تتفاعل فيما بينها، وكونها تتواجد في نظام خارجي يتكون بدوره من أنظمة فرعية أخرى أشمل (اقتصادية، سياسية، اجتماعية)، فإن التغيير في هذه الأنظمة ينعكس في تغيير المؤسسة بالضرورة (3) .
1- الحاجة للتغيير:
بصفة عامة الحاجة للتغيير في المؤسسات خاصة العمومية منها، تظهر على الأقل لمواكبة الحركة الدائبة للتغييرات الاقتصادية وقوة المنافسة(4)، فمن الضروري أن يتوافر لدى المؤسسات الدافع الذاتي لإحداث التغيير، فإذا لم يعتقد أعضاءها بحتمية التغيير فلن يتوافر لديهم الالتزام بنتائجه، وبالتالي لن ينجح برنامج التغيير في تحقيق أهدافه، وتتولد الحاجة إلى التغيير نتيجة العوامل(5):
ا- زيادة حدة المنافسة الخارجية خاصة في ظل ما يطلق عليه بالعولمة وانفتاح الأسواق على بعضها، وإنظمام الكثير من الدول للمنظمة العالمية للتجارة (OMC).
ب- متطلبات الجودة الشاملة (TQM).
ج- زيادة القوة التي يتمتع بها العملاء والمستهلكون وسيادة عصر التوجه للعميل واحترام المستهلك والعمل على إرضاءه.
د- التغير المستمر في رغبات وأذواق المستهلكين.
ه- الارتقاء بمستوى جودة الخدمة وزيادة رضا المستهلك.
و- تزايد تعقُد الأعمال بسبب التزايد في حجم المؤسسات، لا مركزية السلطة، تنوع خطوط الإنتاج، الدمج، وتزايد حساسية العمليات الداخلية لقوى بيئية لا يمكن السيطرة عليها.
ز- ارتفاع الأهمية النسبية لقطاعات الخدمات على حساب القطاعات الإنتاجية.
ح- متطلبات التجارة الدولية؛ حيث يقتضي العمل والتنافس في المجال الدولي فرصا ومشكلات عديدة، ويجب أن تكون لدى المؤسسات القدرة على التنافس والتكيف مع الفوارق الثقافية وأساليب الاتصال وأخلاقيات العمل وإجراءاته.
2- أهداف التغيير:
لابد وأن يكون للتغيير المخطط والمدروس أهداف محددة يسعى إلى تحقيقها، وبصفة عامة فإن أهداف التغيير تتلخص في الآتي (6):
ا- إحياء الركود التنظيمي وتجنب التدهور في الأداء، وتحسين الفعالية من خلال تعديل التركيبة التنظيمية.
ب- التخلص من البيروقراطية والفساد الإداري.
ج- خلق اتجاهات إيجابية نحو الوظيفة خاصة العمومية منها وتنمية الولاء لدى العاملين.
د- تخفيض التكاليف من خلال الكفاءة وفعالية الأداء وحسن استخدام الموارد البشرية للآلات المتاحة، والموارد، والطاقة، ورأس المال.
ه- زيادة قدرة المؤسسة على الإبداع والتعلم.
و- بناء محيط محابي للتغيير والتطوير والإبداع.
ز- زيادة الثقة والاحترام والتفاهم بين أفراد المؤسسة.
ح- تطوير قيادات قادرة على الإبداع وراغبة فيه.
ط- خلق اتجاهات إيجابية نحو الوظيفة العامة وتنمية الولاء لدى العاملين.
ك- تحسين الانطباع الذهني لدى الرأي العام عن المؤسسة (7).
ومنه يمكن القول أنه من المهم أن تطور كل مؤسسة قدرتها على التكيف مع البيئة بدافع التعامل معها، وهذا ما يجعل من التغيير يتطلب مجموعة من الكفاءات وإدارة خاصة في المؤسسة لتطوير وتنمية حوافز عمالها، وبالتالي تطوير وتنمية كفاءتها الكلية، وهذا ما يسمى"بالمؤسسة المتفاعلة"(8).
وتكمن أهمية التغيير في كونه بات من أهم متطلبات التقدم والتطور لمؤسسات اليوم، ولم يعد ينظر إليه كوسيلة تستخدمها بعض المؤسسات تبعا لظروف معينة، التي ما إن تمر حتى تعود كل الجهود المبذولة إلى حالة الركود والاستقرار، فما يمكن ملاحظته في الوقت الراهن من تنافس كبير بين المؤسسات لتحقيق الاستقرار والنجاح، وهو ما أدى بها إلى حركة دائبة لا تهدأ مع التغيير والتطوير، لأن الصفة والسمة المشتركة بين المؤسسات المعاصرة، هي ضرورة التغيير والتطوير لمواكبة التغييرات المختلفة في محيطها الخارجي(9).
ثانيا- مجالات التغيير:
إن مجالات التغيير حظيت بكثير من الدراسات والأبحاث من قبل المهتمين بمجال التغيير وذلك لأهميتها، ويشمل التغيير في المؤسسة عدة مداخل ( المدخل الوظيفي، المدخل الإنساني، المدخل الهيكلي، المدخل التكنولوجي...)، إلا أن الباحثين سيتعرضان بالدراسة والتحليل إلى المدخل الإنساني باعتبار أن الإنسان هو العنصر الموجه لحركة المؤسسة، ويلعب السلوك الإنساني دورا بارزا في عملية التغيير، حيث يتوقف التغيير بدرجة كبيرة على قبول الأفراد له وتعاونهم في إنجاحه، وانطلاقا من ذلك فقد ركز الكثير من الكتاب والباحثين على إحداث التغيير من خلال الأفراد القائمين بالعمل، ويتمثل ذلك في ناحيتين هما(10):
1- التغيير المادي للأفراد: من خلال الاستغناء عن بعض العاملين أو إحلال غيرهم محلهم.
2- التغيير النوعي للأفراد: وذلك بالتركيز على رفع المهارات وتنمية القدرات أو تعديل أنماط السلوك من خلال نظم التدريب أو تطبيق قواعد المكافآت والجزاءات التنظيمية.
أما عند علي الشريف فإن التغيير الذي يشمل النواحي الإنسانية في المؤسسة، يتم من خلال إدخال التغيير في مجالين هما:
1- المهارات والأداء: ويستخدم لذلك ثلاث مداخل:
أ- الإحلال: أي الاستغناء عن العاملين الحاليين واستبدالهم بأفراد أكثر كفاءة وإنتاجية، إلا أن هذا الإحلال يصعب تطبيقه.
ب- التحديث التدريجي للعاملين: بمعنى وضع شروط ومعايير جديدة لاختيار العاملين الجدد.
ج- تدريب العاملين: أي تدريب العاملين الموجودين على رأس العمل بهدف تحسين أدائهم للعمل من خلال إكسابهم مهارات جديدة.
2- الاتجاهات والإدراك والسلوكيات والتوقعات:
وذلك بأن يتم التغيير من خلال الاتجاهات والإدراك والتوقعات للمديرين، ويطلق على هذا التغيير في مجال الدراسات الإدارية "التنمية الإدارية"، وتعرف التنمية الإدارية على أنها "استثمار في مختلف الجهود والإمكانيات التي توفرها المؤسسة للعمليات المستمرة لإعداد المدير وتجهيزه لإدارة مرؤوسيه وللمساهمة في تحقيق الأهداف الإستراتجية للمؤسسة، من خلال توسعة قدراته على مواجهة المهمات المعقدة في الحاضر والمستقبل" (11) ، أما التغير الذي يستهدف اتجاهات ومدركات وسلوكيات وتوقعات العاملين، هذا التغير يطلق عليه في مجال الدراسات الإدارية اصطلاح التطوير التنظيمي وهو الذي نحن بصدد دراسته لاحقا(12).
وتعد الاتجاهات من أكثر المفاهيم السلوكية أهمية في دراسة السلوك الإنساني وتفسيره، وهذا ما أدى إلى وجود كم هائل من البحوث والدراسات المنشورة حول الاتجاهات ووجود العديد من المؤلفات التي تناولتها بالتحليل والمعالجة، ورغم ذلك فإن هناك اختلافا كبيرا بين الباحثين حول الاتفاق على إيجاد تعريف لمصطلح الاتجاهات(13)، ويرجع ذلك إلى أن الاتجاهات غير ملموسة وبالتالي لا يمكن رؤيتها ولكن يمكن استنتاجها، كما يرجع غموضها إلى تداخلها مع بعض المفاهيم الأخرى مثل: الآراء، المعتقدات، القيم، ورغم اعتراف الكثير من الباحثين بأن التفرقة صعبة للغاية في الحياة العملية بين الاتجاهات والآراء والمعتقدات وغالبا ما يتم استخدامها بمفهوم واحد، إلا أنه يمكن أخذ التعريفين التاليين لتحديد مفهوم الإتجاهات.
عَرٌَفَ السلمي الاتجاهات بأنها: "تنظيم متناسق من المفاهيم والعادات والمعتقدات والدوافع بالنسبة لشيء محدد"(14)، وذكر أن الاتجاهات في الأساس هي وجهة نظر الإنسان بالنسبة لشيء محدد، شخص، أو موضوع، أو مكان، وقد فرق بين الاتجاه والقيم بأن القيم تتعلق بأمور عامة وأشياء مجردة كالوفاء والصدق.
كما عُرِفت الاتجاهات بأنها تعني: "الاستعداد المسبق للاستجابة لبواعث معينة، مواقف، أحداث، أفراد/ مواضيع، شيء ما بطريقة محددة"(15)، وهذا التعريف يدل على أن استجابة الفرد مبنية على خبراته السابقة واحتكاكه ببيئته الخارجية، وهناك ثلاثة عناصر أساسية للاتجاهات وهي(16):
ا- عنصر المعرفة والمعلومات: وهو فهم واستيعاب وإدراك الموضوع أو الموقف أو الحدث من قبل الشخص، حيث أن ما يتوفر لدى الفرد من معرفة ومعلومات وثقافة وخبرات سابقة وتجارب تجاه موضوع معين تنعكس على تصرفاته ومشاعره اتجاه هذا الموضوع.
ب- عنصر العاطفة والوجدان: وهو شعور الفرد الإيجابي أو السلبي نحو الموقف، فيظهر الفرد أحاسيسه ومشاعره بناءا على العنصر المعرفي والمعلوماتي، فيعبر عنه في شكل حب أو كراهية، تفضيل أو عدم تفضيل.
ج- العنصر السلوكي: ويكون هذا العنصر المحصلة النهائية للعنصرين السابقين، أي مدى استعداده للتغيير ووجهة نظره عمليا.
ثالثا- تقنيات التطوير التنظيمي:
إن أساس مدخل التطوير التنظيمي الذي يعني في أبسط معانيه "عملية تغيير ملموس في النمط السلوكي للعاملين وإحداث تغيير جذري في السلوك التنظيمي ليتوافق مع متطلبات مناخ وبيئة التنظيم الداخـلية والخارجية، وأن المحصلة النهائية لتـغيير سلوك الـتنظيم هي تطـويره وتنميته "(17)، هو تأكيد أن السبب الذي يعوق ويجعل التغيير مستحيل التحقيق هو ضـعف العلاقات الشخصية في المؤسسة (18)، وهناك العديد من الطرق والأساليب التي يمكن استخدامها في التطوير التنظيمي مع وجود درجات مختلفة في كيفية استخدام هذه الأساليب المتعددة، ومن بين هذه الطرق والأساليب يتطرق الباحثين إلى ما يلي:
1- تدريب الحساسية(19):
في الصيغة الأولى لتدريب الحساسية نجد المدرب (لمدة ساعتين من الفترة التدريبية) لا يتدخل ولا يزود الأفراد بأي معلومات، في هذه الفترة يحاول المتدربون اكتشاف ما الذي يجري حولهم، وما هو المقصود بالتحديد من هذا الموقف، بعد ذلك يتدخل المدرب ويُعَرِف الجماعة بنفسه ويبدي شعوره تجاه الجماعة ثم يطلب من المتدربين إبداء رأيهم في أحد الأعضاء، وليكن العنصر (أ) مثلا، فيسمع الفرد (أ) أراء الآخرين فيه، ثم تنتقل المجموعة إلى إبداء رأيها في الفرد (ب)، ثم الفرد (ج) ثم هكذا إلى أخر فرد في المجموعة، الغرض من ذلك هو أن تتاح للمتدرب الفرصة للتعرف على نقاط القوة و الضعف لديه كما يراها باقي المتدربين، وبعد ذلك يقوم كل متدرب بعرض مشكلة من المشكلات التي تواجهه ويسمع نصائح المجموعة في الكيفية التي يجب أن يواجه بها الفرد هذه المشكلة، وأخيرا يعرض كل متدرب الخبرات التي أكتسبها في هذا البرنامج التدريبي، وكيف يستطيع التعامل مع المشكلات والموافق التي تقابله في حياته اليومية ويمكن تحديد أهداف تدريب الحساسية فيما يلي:
ا- زيادة معرفة الفرد بنفسه وسلوكه في محتوي بيئة الاجتماعية.
ب- التعرف بنفسه على أنواع العمليات التي قد تسهل أو تمنع التعامل بين الجماعات المختلفة والعمل معا.
ج- زيادة قدرة المشارك على التحليل المستمر لسلوكه الشخصي المتبادل بغرض التوصل إلى علاقات تبادلية أكثر فعالية، وتحقيق رضا أكبر بين الأفراد.
د- زيادة قدرة الفرد على التدخل بنجاح في المواقف بين الجماعات أو في ظل جماعة واحدة بصورة نريد من فعالية النواتج.
إن هذه الطريقة تحقق أهداف التطوير في تنبيه حواس الأفراد ومشاعرهم إلى المرافق المتعلقة بالعلاقات العامة ومن ثَم تعميق ادارك الفرد للمتغيرات الشخصية ومدى تأثيرها في التفكير والسلوك.
2- بناء الفريق: ينطلق هذا الأسلوب من تركيز السلوك التنظيمي على جماعات العمل بدلا من الفرد، ويستهدف زيادة فعالية جماعات العمل عن طريق تحسين علاقات العمل وتوضيح أدوار العاملين، ويمكن أن يأخذ شكل مجموعات الزملاء في العمل أو أي جماعة أخرى لا تتشكل بالضرورة من الزملاء في العمل(20)، وتقوم هذه الطريقة على افتراضين أساسين(21):
الافتراض الأول: لزيادة إنتاج الجماعة، فإن على أفرادها أن يتعاونوا على تنسيق جهودهم في العمل نحو إنجاز المهام الملقاة على عاتقهم.
الافتراض الثاني: لزيادة إنتاجية الجماعة لابد من إشباع الحاجات المادية والنفسية لأفرادها.
إن الإستراتجية العامة لبناء الفريق تتلخص في قيام خبير بناء الفريق بمساعدة الجماعة على مواجهة القضايا الأساسية التي تولد شعورا بالإحباط لدى الأفراد، والكشف عن هذه المشكلات والتصدي لها يزيد من احتمالات تحسين أداء الجماعة في المستقبل.
كما يعمل هذا الأسلوب على تنمية وتغيير ثقافة وقيم الأعضاء المشاركين عن طريق تعريفه لخبرات علمية ونظرية بشكل ينعكس إيجابيا على سلوكهم وتعاملهم أثناء العمل، ومن هذا الأسلوب يلاحظ أن أهم حافز للفرد في مجال عمله هو انتماؤه إلى جماعة العمل، مما يعمل على تعزيز الاتجاهات السلوكية الإيجابية(22).
ويعتبر النموذج العام الذي قدمه (Baker) ملخصا جيدا لطريقة بنا الفريق، ويمكن تلخيص نموذج (Baker) في الخطوات التالية(23):
ا- تقوم الإدارة بتقديم خبير بناء الفريق إلى الجماعة، وتشرح دوره وتحدد موعد المقابلة الأولى بين الخبير و الجماعة.
ت- أثناء التحضير للمقابلة الأولى يقوم الخبير بجمع البيانات عن أعضاء الجماعة عن طريق استمارات استقصاء بهدف قياس المناخ التنظيمي، و الأنماط القيادية ومدى الرضا عن العمل.
ج- يقوم الخبير بعقد المقابلة الأولى مع الجماعة، وفيها يقدم ملخصا للمعلومات التي تم جمعها.
د- يقوم الخبير بتحليل البيانات وعمل ملخص للمعلومات التي ثم التوصل إليها تمهيد لعرضها على جماعة المقابلة المبدئية.
ه- بناءا على هذه المعلومات تقوم الجماعة بمساعدة الخبير على تحديد المشكلات التي تواجهها في العمل وباقتراح الخطط العلاجية لهذه المشكلات التي تواجها في العمل، وبذلك تكون الجماعة قد تمكنت من تحديد الحواجز التي تعترض طريقها نحو تحسين الأداء وتحقيق الفعٌالية.
و- يتم إعداد جدول للمقابلات المستقبلية بين الخبير والجماعة لمراجعة تطبيق الخطط العلاجية ومناقشة مشاكل التطبيق وتعديل الخطط بناءا على ذلك.
وباستخدام أسلوب بناء الفريق على مستوى المؤسسة ككل، فإن الفرد يكون منظما لفريقين: فريق مع رئيسة وفريق مع مرؤوسيه، إن ذلك من شأنه أن يحقق التنسيق والتعاون بين أفراد الجماعة الواحدة وبين الجماعات وبعضها.
والشكل التالي يبين فكرة بناء الفريق على مستوى المؤسسة ككل.
الشكل رقم(02): فكرة بناء الفريق
(الفرد يكون منظما لفريقين: فريق مع رئيسه وفريق مع مرؤوسيه)







المصدر: أحمد جاد عبد الوهاب: مرجع سابق، ص276.
3-الإثراء الوظيفي: يقصد بالإثراء الوظيفي توفير الرغبة والتحفيز لدى الفرد بالوظيفة المناطة به، وجعلها غنية بمسؤولياتها ومستوعبة لطاقاته ومهاراته، بحيث لا يكون عمله سطحيا أو هامشيا أو مجرد نشاط يمكن لأي فرد القيام به(24) ، ولذلك يهتم هذا الأسلوب بزيادة مسؤوليات العاملين في عمليات التخطيط، والتصميم، وتقويم الأداء، أي إسناد مهام إشرافية إلى الموظفين الذين لا يعملون في مناصب إشرافية لزيادة حماسهم ودافعيتهم اتجاه العمل وتجاوبهم مع التغييرات الواجب إحداثها.
4-الدراسات الميدانية وبحوث العمل: تعد الدراسات الميدانية أحد الأساليب الضرورية لإحداث التطوير التنظيمي من خلال دراسات المسح الاجتماعي الشامل بطريقة العينة أو دراسة الحالة، أو من خلال أسلوب تحليل النظم التي توفر للإدارة مزيدا من المعلومات التي تساعد في تحديد المشكلات وصياغة البدائل وإختيار البديل الأنسب، فضلا عن التعرف على رأى العاملين في نمط الإشراف والقيادة الإدارية.
وتختلف بحوث العمل عن البحوث التقليدية التي تنفرد مراكز البحث أو معاهد ودور الخبرة والاستشارة بوضعها، وتنتهي بالتوصيات والاقتراحات التي يراها الباحثون أنفسهم دون مشاركة أو تعاون أو تبادل المعلومات مع المعنيين في أقسام المؤسسة ووحداتها، فالبحوث التقليدية تنطلق من حاجة عملية البحث إلى عمق في المعرفة وإطلاع على المنهجيات وهذه غير متاحة في الميدان(25).
5- شبكة التطوير التنظيمي (الشبكة الإدارية) (OD GRID):
لقد وُضِعَ هذا الأسلوب من قبل العالمين "روبرت بليك" وزميليه "جين موتون" (Blach & Meuton) سنة 1985 (26)، ويقوم أسلوب الشبكة الإدارية على افتراض إمكان أن يجمع المدراء بين هدفين رئيسين هما: زيادة الإنتاجية من ناحية والاهتمام بالقيم الإنسانية من ناحية أخرى، ودون أن يكون بينهما تعارض أو تناقض، ويأخذ أسلوب الشبكة الإدارية شكل العرض التصوري لخمسة نماذج من السلوك الإداري، مؤسسة على متغيرين هما: الاهتمام بالإنتاج أو العمل، الاهتمام بالعاملين، ويتم تطبيق الأسلوب من خلال سلسلة من الممارسات تهدف إلى إعطاء المديرين الفرص لتحليل أوضاعهم عن طريق الشبكة، وبالتالي تعظيم الفرصة للوصول إلى الوضع المثالي، هذا الأسلوب يأخذ تطبيقه مدة مابين سنتين إلى ثلاث سنوات، ومن خلاله يتم التعرف على المدراء وأسلوبهم في القيادة والعمل على تطوير ذلك الأسلوب المتبع من المدراء ليأخذ شكله المثالي بالإضافة إلى تطوير الأسلوب القيادي، مع إخضاع التجربة بعد تنفيذها للتقييم المستمر والمنظم، وذلك بهدف تحسينها وتطويرها(27).
وقد طَوَرَ "بليك وموتون" أسلوب الشبكة الإدارية الذي بمقتضاه يستطيع المشاركين بالبرنامج التطويري من المديرين ومساعديهم اكتشاف نمط القيادة السائد لديهم أو لدى المشاركين معهم ليقارنوا بين فاعلية الأنماط وكفاءتها، ويختاروا بأنفسهم الأسلوب الذي يجعلهم يتحولون للنمط الأفضل الذي يوفق بين تحقيق أعلى إنتاجية وأعلى رضا للعاملين، من خلال اختيار النمط الملائم من بين الأنماط الخمسة التالية:
ا- نمط المدير المنسحب الذي لا يهتم لا بالعمل ولا بالعاملين.
ب- نمط المدير الاجتماعي الذي يهتم بالعاملين على حساب العمل.
ج- نمط المدير المتأرجح الذي يوزع اهتمامه بين العمل والعاملين.
د- نمط المدير المنتج الذي يهتم بتحقيق أعلى إنتاج وأقل رضا.
ه- نمط المدير الفرقي والمفضل الذي يحقق أعلى إنتاج وأعلى رضا.
الشكل رقم (03): مراحل تطبيق الشبكة الإدارية
التدريب
تنمية روح الفريق
تنمية العلاقات المتبادلة للجماعاتا
وضع الهدف التنظيمي
الاستقرار
إنجاز الهدف




6- الإدارة بالأهداف: الإدارة بالأهداف من أوائل الأساليب التي استخدمت في التطوير التنظيمي، وقد ظهرت كأسلوب حديث من أساليب الإدارة في بداية النصف الثاني من القرن العشرين، وهى من أكثر أساليب التطوير التنظيمي قدرة على علاج المشكلات الإدارية التي تواجه التنظيم، وبموجب هذا الأسلوب يجتمع مسؤولوا الوحدات للمشاركة في تحديد الأهداف العامة ثم الفرعية لوحداتهم ويحددوا الوقت المناسب لإنجازها حتى يكونوا ملتزمين ومتحمسين لتنفيذ ومراقبة عملهم اليومي والأسبوعي ذاتيا لتحقيق الأهداف في الوقت المحدد دون تدخل مباشر أو تفصيلي مباشر من قبل الإدارة في أعمالهم اليومية(28).
7- التدريب المخبري: يهدف هذا النمط من التدريب إلى زيادة فعالية جماعات التنظيم في علاج كثير من المشكلات الإدارية ذات الطبيعة السلوكية مثل: المشكلات المتعلقة بالصراعات، اتخاذ القرارات، والاتصالات من خلال تدريب المشاركين على فهمهم لأنفسهم وللآخرين وللعديد من الجماعات بتوجيهاتها الإيجابية والسلبية، حتى يمكن تطبيق ذلك الفهم عند العودة إلى العمل عقب انتهاء التدريب(29).
8- إدارة الجودة الشاملة: تعد إدارة الجودة الشاملة (TQM) والتي ظهرت لأول مرة في القطاع الخاص في الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق العالم "إدوارد دمينج"، منظومة فكرية جديدة أو نموذجا جديدا أسهم في تغيير تفكير ممارسة الإداريين في المؤسسات الصناعية ومؤسسات الأعمال الإنتاجية في القطاعين الخاص والعام، كما أنها فلسفة إدارية أو مجموعة من المبادئ التي يمكن للإدارة أن تتبناها من أجل الوصول إلى أفضل أداء ممكن، وهى أيضا مجموعة أدوات إحصائية وأدوات لقياس الجودة بعضها معقد وبعضها سهل بسيط.
وتَتَبنى المؤسسات الآن إدارة الجودة الشاملة لأسباب عديدة حددها وأعدها مركز المنظمات الفاعلة التابع لجامعة جنوب كاليفورنيا سنة 1996، وهى تحسين الروح المعنوية، وحفز القوى العاملة للعمل كفريق، ومحاولة إنجاز الأعمال صحيحة من أول مرة، تحسين المهارات في العمل، إدارة التغيير، غرس الأخلاقيات، تقوية المهارات الإدارية، وتقليص التكاليف(30) ، وتقوم المؤسسات الآن في القطاعين الخاص والعام بتبني إدارة الجودة الشاملة كمدخل للتطوير التنظيمي، خاصة وأن معظم مديري المؤسسات يدركون الحاجة الماسة للتغيير وتحسين الخدمات في عصر تتزايد فيه عجوزات الموازنات وندرة الموارد، وإدارة الجودة الشاملة كإستراتيجية للتحول أو إدارة التغيير التنظيمي هي أسلوب لتحسين العملية الإدارية التي تهدف في النهاية إلى تحقيق الجودة وزيادة الإنتاجية دون أية موارد جديدة، وهى تعتمد على النظرية القائلة " كلما ازداد إشراك العامل في تحديد الأهداف التنظيمية ازداد التزاما بالأهداف"(31) ، ومن أهم الركائز الرئيسية لنظام إدارة الجودة الشاملة ما يلي:
ا- مساندة والتزام الإدارة العليا.
ب- التوجه الكامل نحو العميل.
ج- أهداف مكتوية للجودة الإنتاجية، إضافة إلى خطة سنوية للتحسين.
د- معايير ومقاييس الجودة ذات معنى لبرامج المؤسسة المعنية.
ه- استخدام خطة التحسين ونظام القياس للعاملين والمديرين.
و- مكافآت للإنجاز في مجال الجودة والإنتاجية.
ز- التدريب على أساليب تحسين الجودة والإنتاجية.
ح- تقليل عوائق تقليل الجودة الإنتاجية.
ويقوم هذا الأسلوب على بعض المقومات الفكرية التي تجعل منه أسلوبا تطويريا مناسبا؛ فهو يقوم على ضرورة قبول التغيير والاقتناع بأهمية المناخ المحيط، والاعتراف بأهمية الطلب على الخدمة واستيعاب التكنولوجيا واستخدامها بذكاء وخاصة تكنولوجيا المعلومات، وقبول المنافسة وإدراك أهمية استثمار طاقات المؤسسة ووقتها، واعتبار العالم وحدة متكاملة والخروج عن الحيز الإقليمي والتكامل مع الآخرين، وإدراك أهمية العمل وجعله معيار الاختيارات، والابتعاد عن الفردية والتشتت، والاعتماد على العمل الجماعي والنظر إلى المستقبل وعدم الانكفاء على الماضي أو الانحصار في الحاضر، والاقتناع بأهمية الحركة ورفض الجمود في الهياكل والتنظيمات، وإعادة النظر في المسلمات الإدارية الكلاسيكية، والتسلسل والتتابع في الفكر أو العمل، وأخيرًا احترام العنصر البشري كأقوى وأهم أساس في نجاح الإدارة المعاصرة.
رابعا- تنمية الكفاءات كأساس للتغيير في المؤسسة:
يتجسد تفعيل دور المورد البشري عموما في العملية التغييرية من خلال إشراكه في التصور وصيانة العلاقة معه واقحامه في العملية بفعالية، ويمكن تمثيل هذه الأبعاد الثلاثة (vision, processes, relation) في الشكل التالي:
الرؤية


العمليات العلاقات
منذ نحو عشر سنوات تغير منطق وظيفة الموارد البشرية من إدارة الأفراد إلى إدارة الكفاءات، وكان ذلك في الواقع نتيجة لتغير في هيكل ودور المورد البشري في المؤسسات، ففي فرنسا مثلا خلصت إحدى الدراسات التي صدرت سنة 2002 إلى أن حوالي 70% من المؤسسات الفرنسية تعتمد أنظمة قائمة على الكفاءات، أو على الأقل تنوي ذلك على المدى المنظور، وتنفق في سبيل هذا الغرض أموالا ضخمة(32).
وتعرف المجموعة المهنية الفرنسية (Medef) الكفاءة (La compétence) بالقول: "الكفاءة المهنية هي تركيبة من المعارف والمهارات والخبرة والسلوكيات التي تمارس في إطار محدد، وتتم ملاحظتها من خلال العمل الميداني، والذي يعطي لها صفة القبول، ومن ثم فإنه يرجع للمؤسسة تحديدها وتقويمها وقبولها وتطويرها" (33).
وتعٌَرَف الكفاءة كذلك بأنها: "مجموع المعارف والمهارات التي يمتلكها الفرد التي تمـكنه من أداء عمله بشكل أحسن"(34) ، ولا يخفى أن الكفاءات اليوم أضحت تمثل الميزة التنافسية الأكثر حسما مابين المؤسسات، فالكفاءة هي التي تصنع التفوق، وفي المثل الأجنبي يقال: "C’est la compétence qui fait la différence"، وهو ما جعل الكفاءة ودرجة التأهيل هي المرجع (Un référentiel) في توصيف الوظائف وتصميم هياكل المؤسسات.
أما تسيير الكفاءات فيعني:" التأثير في معارف ومهارات وسلوكيات المورد البشري ليكون أكثر قدرة على تحسين عوائده والتكيف مع التطورات الحاصلة في المحيط"(35).
فالكفاءات إذن تمثل قوائم أو بيانات للسلوكيات والتي يكون بعض الأشخاص أكثر تحكما فيها من الآخرين، مما يجعلهم أكثر كفاءة في حياتهم اليومية للعمل، أما فيما يتعلق بأنواع الكفاءات فهناك الكثير من التصنيفات لها، ونهتم بالتصنيف من خلال الكفاءات الفردية والكفاءات الجماعية التي تساهم في تطوير الكفاءة داخل المؤسسة.
1- أنواع الكفاءات:
ا- الكفاءات الفردية: مهما كان مستوى الأفراد في الهيكل التنظيمي للمؤسسة، فإن المناصب التي يشغلونها تتطلب كفاءة معينة لأداء مهامهم بصورة تحقق معها أهداف المؤسسة، وفيما يلي أهم الكفاءات التي ينبغي توفرها في الأفراد:
- أن يكون شخصا يعرف كيف يتأقلم مع الظروف المتغيرة والغامضة ويعمل بطريقة مرنة.
- التعلم للتحكم السريع في التقنيات العملية.
- لديه روح اتخاذ القرار وإدارة وقيادة المرؤوسين بطريقة فعالة.
- إيجاد جو ملائم للتطوير من خلال مضاعفة التحديات التي تعمل على إيجاد المناخ الملائم لتطوير عمل المرؤوسين.
ب- الكفاءات الجماعية: تعتبر الكفاءات الجماعية أهم انشغال للمؤسسات المعاصرة، وتنشأ هذه الكفاءات من تآزر الكفاءات الفردية، ويمكن تحديد وجود هذه الكفاءات من خلال مؤشرات الاتصال الفعُال الذي يسمح بوجود لغة مشتركة بين جماعة العمل، وتوفير المعلومات الملائمة للجميع، وكذا التعاون بين أعضاء الجماعة مما يسمح بانتقال الكفاءات ومعالجة الصراعات.
وتطوير الكفاءات البشرية باعتباره جهدا استثماريا، يركز على زيادة المعارف والقدرات لدى جميع الأفراد العاملين وهذا لتدعيم العناصر الأساسية المميزة للكفاءات البشرية، حيث أدخلت مفاهيم جديدة مثل الجودة البشرية والتكنولوجيا البشرية التي تتحكم فيها عناصر التخصص الدقيق ذو الجودة العالية والمشاركة الفعٌالة للفرد في إدارة التنمية بحيث يكون الإنسان محور جميع العناصر السابقة"(36).
وتنبثق إستراتيجية تنمية الكفاءات من إستراتيجية عامة لتنمية الموارد البشرية في المؤسسة، التي تستند بدورها إلى تسيير المعارف (KM)الذي اكتسح عالم الأعمال، والذي يعد بدوره تطورا نوعيا لمذهب العقلانية في التسيير الإستراتيجي.
ويعد تسيير المعارف نمط جديد في استغلال وتثمين المورد البشري، الذي أضحى الآن رهان إستراتيجي بالنسبة للمؤسسات (أو المنظمات بشكل عام)، ويتضمن تسيير المعارف عدة أبعاد، الإنتاج، التنظيم، تكنولوجيا المعلومات والاتصال، رأس المال البشري كمنتج مزدوج المرجع يجمع بين المعارف (الجامعة) والكفاءة (المؤسسة).
إن التركيز على الكفاءات (التكوين) لا ينبغي أن يغفلنا عن الشق الثاني للمورد البشري والمتمثل في العمال المنفذين (التأهيل)، فالمورد البشري (H2) مكون من جزأين: الكفاءات (H’) والعمال ("H) أي أن (" H +H’=H2)، وإذ يمارس هذا المورد عملياته (o) سيتكون مركب ثالث هو (H2O)، ويعبر هذا المركب عن مدى التلاحم بين المورد البشري والعمليات التي يؤديها، فجودة العمليات تخضع أساسا لمستوى التكوين والتأهيل المتاح لدى هذا المورد، وبإضافة عنصر رأس المال (K) إلى هذا المركب تستطيع المؤسسة خلق قيمة مضافة (V)(37).
ويمكن التعبير عن ذلك كما يلي:
الشكل رقم (04): تجزئة موارد التـغيير
v = K + H20
أدوات ووسائل التغيير



أولاً: التدريب ورفع المهارات الفنية والسلوكية:-



ويقصد بالتدريب تلك الجهود الخاصة برفع المهارات الفردية أو الجماعية في مجال معين. فقد يكون المجال فنياً متخصصاً في الوظيفة والأنشطة التي يؤديها الفرد في العمل.وقد يركز التدريب على الجوانب السلوكية ورفع المهارات الفردية والجماعية في هذا الشأن . ومن أمثلة دورات التدريب السلوكية في هذا المجال ما يركز على الدافعية( كيف تثير حماس مرؤوسيك في العمل والقيادة). وقد تركز الدورات التدريبية على المهارات الإدارية مثل طرق حل المشاكل واتخاذ القرارات الجماعية. ولكي تقوم الادارة بوضع خطة متكاملة للتدريب ، فإنها تقوم بتحديد احتياجاتها من التدريب ، ثم تقوم بتصميم خطة مناسبة لهذه الإحتياجات ، وبعد تنفيذها يتم تقييم نتائج التدريب. وعلى هذا فإن خطة التدريب تشمل على الخطوات التالية:-



· تحديد الإحتياجات التدريبية.. وتدل مؤشرات معينة على أن الأفراد المعنيين تنقصهم المعرفة والخبرة التي يمكن أن يحصلوا عليها بواسطة التدريب.

· تصميم خطة التدريب.. وهنا يتم تحويل الإحتياجات التدريبية الى برامج، ويتم وضع مجموعة من البرامج في خطة متكاملة للتدريب على مستوى الادارة.

· تقييم فعالية التدريب.. يمكن للادارة أن تقيس فعالية التدريب من خلال زيادة إنتاجية الادارة أو تغيير سلوك الخاضعين للتدريب .
خطة التطوير التنظيمي



· التشخيص المبدئي ويبدأ بالمقابلات بين المدير والعاملين.

· تشكيل وتدريب فرق الدراسةعلى برامج تدريبية تهدف الى رفع المهارات الفردية والجماعية في الإتصال.

· جمع البيانات ومناقشتها.

· وضع خطة للتغيير.

· بناء فرق عمل

· تنمية العلاقات الجماعية .

تنفيذ أو تطبيق التغيير ومتابعته.
للحفاظ على عملية التغيير يمكن أن تتبع الطرق التالية:-



· المتابعة المستمرة لنتائج تطبيق التطوير التنظيمي، ومقارنة هذه النتائج الفعلية بالنتائج المخططة والمطلوبة، ومناقشة الإنحرافات المحتملة ومحاولة علاجها.

· الإستمرار في تدريب العاملين والمشتركين في تطوير الأسس والمبادىء العلمية للتطوير التنظيمي وأدواته.

· توفير سبل إتصالات متفتحة بين المشاركين في التطوير، مع توفير كافة المعلومات المرتبطة به.

· بناء أنظمة حوافز تشجيع الأقسام والأفراد الناجحين في المساهمة في عمليات التطوير التنظيمي.

· تكريم الاشخاص وجماعات العمل والمديرين المساهمين في التطوير.

إنشاء أنظمة تشجيع الإقتراحات الخاصة بالتطويرات والتغييرات الجديدة، وتشجيع السلوك والتصرفات الخاصة بالسلوك الإبداعي والإبتكار سواء في العمليات الفنية الوظيفية أو في العمليات الإدارية.
ما الذي يتغير في الأفراد؟



إن التغير الذي يحدث في الأفراد يترتب ضرورة التدخل بإستخدام أساليب التطوير التنظيمي . فما الذي يتغير في الأفراد ويقلب التوافق بين الأفراد ومنظماتهم؟

إهتمام متزايد بالنقود والأجور.

زيادة ثقة المرؤوسين برؤسائهم من حيث قدرتهم على التصرف السليم.

الإرتفاع في طموح صغار السن بالشكل الذي يتجاوز إمكانيات الوظائف الحالية.

الثقة في جدوى أنظمة الحوافز والجزاءات وقدرتها على التمييز بين الطيب والسيء.

المشاركة في اتخاذ القرارات.

الإحساس بأهمية الكسب الوقتي السريع.



ثانياً:- جماعات العمل:-ما الذي يتغير في جماعات العمل؟



· يتغير تشكيل الجماعة من وقت لآخر .

· تغير قيم ومعايير الجماعة.. أي أن الأنماط السلوكية المقبولة بواسطة أفراد الجماعة قد يحدث فيها تغيير ، مما يؤثر بالتبعية على محاولات التطوير التنظيمي.

· تماسك الجماعة قد يزداد قوة أو ضعف.

· الأساليب المستخدمة في علاج وحل المشاكل.

· أساليب الإتصال الجماعي قد تتغير أنماطها.

· أساليب المشاركة في التصرف.
من الذي يقوم بالتطوير؟



هناك بدائل عديدة للإجابة وأبسط هذه الإجابات هي إما أن تقوم الادارة بنفسها بالتطوير ، وأن تعتمد على مستشار خارجي يحرك هذا التطوير . وداخل كل بديل من هذين البديلين تتعدد الإحتمالات والطرق . ويبقى بديل ثالث هو الإعتماد على البديلين في نفس الوقت ، وعلى المنظمة هنا أن تحدد دورها في التطوير ، ومدى تدخل المستشار الخارجي ودوره في هذا التطوير.



من له سلطة التطوير داخل المنظمة؟





تقوم الإدارة العليا في المنظمة بتحديد من له سلطة التغيير والتطوير ، وهناك ثلاث بدائل في هذا الصدد:-




أولاً : الإدارة العليا:-




ويستأثر هنا المديرين في الإدارة العليا بمعظم أو كل السلطات الخاصة بعمليات التغيير ، فهم الذين يخططون وينظمون عمليات التطوير ، ويصدرون كل القرارات المتعلقة بذلك. ويقوم المديرون بالتعرف على المشاكل اليومية إما بالإعتماد على خبراتهم الذاتية أو الإسترشاد بالمعلومات والتقارير التي ترد من مرؤوسيهم .وقد يصحب ذلك تفسيراً بظروف التغيير والمزايا أو الحوافز أو الإجراءات التي تقع على المرؤوسين من جراء قبولهم وامتثالهم أو عدم تمشيهم مع هذا التغيير.وتميل قرارت الإدارة العليا الى اتخاذ التغييرات التالية في المنظمة:-



· تغيير الأفراد.. فمن خلال سياسات النقل والندب يمكن للإدارة العليا إحلال عاملين مكان آخرين ، وذلك بافتراض أن هذا الإحلال سيؤدي الى التغيير المطلوب في مهارات العاملين وسلوكياتهم ، وإن التغيير مطلوب لمواجهة المشاكل.

· تغيير الجماعات.. فمن خلال انظمة الإتصالات الجماعية كالمقابلات واللجان ومن خلال إعادة تشكيل القسام والإدارات وجماعات العمل يمكن للإدارة العليا أن تؤثر في تقوية أو إضعاف بعض أجزاء الادارة بشكل ترغبه هي.

· تغيير هياكل التنظيم.. ويضم ذلك التغييرات مثل أنظمة التخطيط والرقابة وإجراءات العمل والدوات والآلات والترتيب الداخلي للمكاتب ومثل هذه التغييرات مؤثرة للغاية في مصير التنظيم.



ثانياً :- المشاركة :-




تقوم الإدارة العليا هنا بإشراك باقي المستويات التنظيمية والعاملين في عملية التغيير، ويعتمد هذا المدخل في التغيير على إفتراض أن العاملين والمستويات التنظيمية ذات كفاءة وأهلية للمشاركة، وأنها ذات تأثير قوي على مصير الادارة بالقدر الذي يعطيها قوة وسلطان لا يمكن إنكاره . وبالتالي قد يكون من الافضل وجود تفاعل بين المستويات التنظيمية المختلفة. وتتم مشاركة العاملين في التطوير التنظيمي بأحد الشكلين الآتيين:-




· إتخاذ القرار الجماعي.. وتقوم الإدارة العليا هنا بتشخيص المشاكل وتعريفها ودراستها، وتقوم ايضاً بتحديد بدائل الحلول. يلي ذلك أن تقوم الإدارة العليا بإعطاء توجيهات إلى المستويات الأدنى بدراسة هذه البدائل ، واختيار البديل الأنسب لها. وهنا يقوم العاملين ببذل قصارى جهدهم في دراسة البدائل واختيار ذلك البديل الذي يناسبهم ويحل مشاكلهم.

· حل المشاكل الجماعي.. وهذا الإسلوب في المشاركة أقوى وأعمق ، وذلك لان العاملين لا يقومون فقط بدراسة البدائل وأختيار أنسبها ، بل يمتد ذلك إلى دراسة المشكلة ، وجمع معلومات عنها ، وتعريف المشكلة بدقة ، والتوصل إلى بدائل التصرف والحل.





ثالثاً: التفويض:-




تقوم الإدارة العليا هنا بإعطاء اليد العليا لباقي المستويات التنظيمية والعاملين بالمنظمة في تحديد معالم التغيير والتطوير المناسبة . وعلى هذه المستويات أو القسام أو العاملين أن يضطلعوا بمعظم مهام التغيير من تحديد للمشاكل وبدائل الحلول واختيار الحل المناسب وإتخاذ القرارات التي يعتقدون أنها مناسبة لحل مشاكلهم . ويتم التفويض للمستويات التنظيمية والعاملين بأحد الأسلوب الآتين:-




· مناقشة الحالة .. ويتم أخذ مشكلة أحد الإدارات أو الأقسام كحالة واجبة النقاش ويقوم مدير الإدارة أو رئيس القسم بتوجيه المناقشة بين العاملين ، ويتم ذلك بغرض إكتساب العاملين المهارة على دراسة مشاكلهم ، وبفرض تقديمهم لمعلومات قد تفيد في حل المشكلة . وعلى هذا فإن تدخل المدير أو الرئيس ليس بفرض حلول معينة ، وإنما لتشجيع العاملين لكي يصلوا إلى حلول ذاتية لمشاكلهم.




· تدريب الحساسية .. ويتم هنا تدريب العاملين في مجموعات صغيرة لكي يكونوا أكثر حساسية لسلوك الفراد والجماعات التي يتعاملون معها . كما يتم التركيز أساساً لسلوك الفراد والجماعات التي يتعاملون معها . كما يتم التركيز أساساً على إكتساب العاملين مهارة التبصر بالذات والوعي لما يحدث من حولهم، والتأهب والحساسية لمشاعر وسلوك الآخرين . ويعتمد هذا المدخل على إفتراض أساسي هو أنه بإكتساب العاملين المهارات السلوكية المطلوبة وحساسيتهم لمشاعر الآخرين ولمشاكل العمال ، يمكن تطوير العمل بشكل أفضل ، أي أن التطوير التنظيمي يعتمد إلى حد كبير على تطوير وتنمية العلاقات والمهارات الشخصية للعاملين.والسؤال هنا .. كيف يمكن لنا أن نحكم على أفضلية الطرق المتبعة؟ ولكن لن تتم الإجابة على هذا السؤال الا وفقاً لمعايير معينة مثل:-




· رضا العاملين المتأثرين بالتغيير.

· سرعة التغيير.

· النتائج المباشرة والقصيرة المدى.

· النتائج طويلة المدى.

· مقاومة التغيير.

· الإلتزام بالتغيير.

· التجديد والإبداع المستمر.



ما الذي يتم تطويره وتغييره؟



أولاً:- الأفراد:-



يدور المنطق حول ضرورة تغيير وتطويير الأفراد بالشكل التالي.. أن الأداء الناجح للأفراد داخل أعمالهم ومنظماتهم يعني أن هناك توافقاً بين الأفراد ( اهدافهم ودوافعهم وشخصياتهم وقدراتهم و آمالهم ) من ناحية ، وبين الادارة ، اعمال ووظائف وأهداف وتكنولوجيا وإجراءات من ناحية أخرى ، إلا أن دوام الحال من المحال ، فكل من الأفراد والمنظمات يتغيران بصورة دائمة . ويسبب هذا التغيير عدم توافق الأفراد مع الادارة مما يسبب مشاكل الأداء السيء وإنخفاض الرضا عن العمل . وهنا يجب إجراء بعض التدخل في الأنظمة المؤثرة على الأفراد مباشرة لكي نعيد التوافق والإتزان بين طبيعة الأفراد من جهة وطبيعة التنظيم من جهة أخرى.
إدارة التغيير



يجب أن يؤخذ الجانب الإنساني في الحسبان ، فدراسة السلوك الإنساني واستجابته لعمليات التغيير والتطوير تلزمنا بمراعاة الحذر ومعالجة الأمر بشيء من التخطيط والتنظيم ، بالشكل الذي يقلل من مقاومة التغيير وبالشكل الذي يزيد من إحتمال تقبله له . ولذا نسوق بعض النصائح السلوكية في إدارة التغيير وهي فيما يلي:-



· إشراك الناس في التغيير.. إن تخفيض مقاومة الأفراد للتغيير يمكن أن تتم لو أنهم اشتركوا بفاعلية في ذلك التغيير الذي يمسهم واشتراكهم يجب أن يتم بجعلهم يتعرفون على متى ، ولماذا ، وأين، وكيف يتم التغيير.وإن إشتراك الأفراد يجعلهم يحسون بأنهم جزء من النظام ، وإن الإدارة لا تخفي شيئاً عنهم ، كما أن المشاركة يمكنها أن تظهر بعض الأفكار الجيدة من أفراد قد يعانون من مشاكل تحتاج الى مثل هذا التغيير ، وقد يكون أنسب طرق المشاركة هي في تشخيص المشاكل ومناقشة أمراض العمل وأعراضها وعواقبها الوخيمة . فإن كان من السهل على الأفراد أن يقومون بالتشخيص ، فسيكون من السهل عليهم إقتراح أو تقبل العلاج.

· زود الناس بمعلومات مستمرة.. إن حجب الأفراد في ظلام عدم المعرفة بما يحدث ، وإعطائهم معلومات محدودة ، أو معلومات غير سليمة ، أو معلومات غير كاملة هو مؤشر لبدء قلق العاملين وتهامسهم وتغامزهم بما يحدث وسرعان ما تبدأ الإشاعات ، ويخلق ذلك الوضع جواً من عدم الثقة. إن تزويد العاملين بالمعلومات ولو كانت سيئة ، أفضل لأنها تعطى فرصة للعاملين التفاعل مع المعلومات. أما نقص المعلومات فإنها تؤدي إلى الشعور بقلة الحيلة.

· خذ في الإعتبار عادات العاملين وقيم العمل.. على من يقوم بالتخطيط والتنظيم لعملية التغيييير أن يأخذ في الحسبان ألا يفسد أو يؤذي عادات العاملين وقيمهم والتي قد تمس عادات تناول الطعام وتبادل الحديث والإجازات وتماسك جماعات وأقسام وإدارات العمل وصداقات العاملين ومواعيد الحضور والإنصراف وما شابهه من عادات راسخة في سلوك العاملين ، على الأخص لو أنها غير مؤذية وغير ضارة بطبيعتها.

· إشعل حماس العاملين..إن إثارة حماس العاملين يؤدي إلى رفع رغبة الفرد في المشاركة والإلتزام بالتغيير كما يجب . فعلى سبيل المثال إتاحة الفرصة للتعبير عن النفس ، وتحقيق الذات ، والإحساس بأن الفرد نافع ، والرغبة في الحصول على معلومات ، والرغبة في التعرف والعمل مع زملاء جدد، والإحساس بالإنتماء إلى عمل خلاق ومكان عمل منتج ، والرغبة في النمو والتطور من خلال الإبداع والتطوير ، وغيرها من مثيرات الحماس والدافعية.

· إستخدام إسلوب حل المشاكل.. يقال أن عملية التطوير والتغيير هي عملية مستمرة ، إلى الدرجة التي تزرع سلوك محدد في نفوس العاملين وهو إمكانية تقبل أي تطوير في المستقبل، وزرع الرغبة في مناقشة الأمور التي تحتاج إلى تغيير ، وتنمية الوعي والحساسية بوجود مشاكل محيطة . ويحدث ذلك عادة عندما يمكن إقناع المديرين والعاملين بضرورة استخدام المنطق العلمي في حل المشاكل وإتخاذ القرار . وهو الذي يبدأ بالتعرف على وتحديد المشاكل ، ثم يتطرق إلى تحديد بدائل الحل ، وتقييم البدائل ، وإتخاذ القرار أو الوصول إلى أفضل بديل من بين الحلول ، وأخيراً تطبيق ومتابعة الحل. كما يمكن تشجيع إتخاذ القرارات الجماعية.
التغيير وردود أفعاله





تختلف ردود أفعال الناس الناجمة عن التغيير ات المفاجئة من حولهم. ويمكن التمييز بين عدة مراحل تمر بها ردود الأفعال وهذه المراحل هي:-

· الصدمة.. وهي تشير الى شعور حاد بعدم الإتزان وعدم القدرة على التصرف.

· عدم التصديق.. وهو شعور بعدم واقعية وعدم موضوعية السبب في ظهور التغيير.

· الذنب.. وهو شعور الفرد بأنه قام بخطأ ما يتطلب التغيير الذي حدث .

· الإسقاط.. وهو قيام الفرد بتأنيب فرد آخر على التغيير الذي حدث.

· التبرير.. وهو قيام الفرد بوضع أسباب التغيير.

· التكامل.. وهو قيام الفرد بإحتواء التغيير وتحويله إلى مزايا يتمتع بها الفرد أو النظام.

· القبول.. وهو عبارة عن خضوع تحمس الفرد للوضع الجديد بعد التغيير.



أسباب مقاومة التغيير



إن طبيعة الناس تقبل التغيير كأمر طبيعي في الحياة،

ولكن ما يرفضه الناس هي الإجراءات التي يمر بها التغيير ، والأساليب المستخدمة في ذلك ، والظروف المحيطة بهذا التغيير . ونذكر بعض الأسباب:-

· عندما تكون أهداف التغيير غير واضحة.

· عندما يكون الأشخاص المتأثرين بالتغيير غير المشتركين فيه.

· عندما يكون إقناع الآخرين بالتغيير يعتمد على أسباب شخصية.

· عندما يتم تجاهل تقاليد وأنماط ومعايير العمل.

· عندما يكون هناك اتصال ضعيف أو مفقود عن موضوع التغيير.

· عندما يكون هناك خوف من نتائج التغيير ، أو تهديد للمصالح الشخصية.

· عندما يكون هناك فشل التغيير.

· عندما يرتبط التغيير بأعباء وضغوط عمل كبيرة.

· عندما يكون هناك عدم ثقة فيمن يقومون بالتغيير.

· عندما يكون هناك رضا عن الوضع الحالي.

· عندما يكون التغيير سريعاً جداً.

· عندما تكون الخبرات السابقة عن التغيير سيئة.

· عندما يكون هناك تعارض حقيقي بين الآراء فيما يتعلق بالتغيير.
نعني به هو ذلك التغيير المخطط الذي يقصد تحسين فعالية الادارة ، وتقوية إمكانية مواجهة المشاكل التي تواجه هذه الادارة. وهو خطة طويلة المدى لتحسين أداء الادارة في طريقة حلها للمشاكل وتجديدها وتغييرها لممارساتها الإدارية ،وتعتمد هذه الخطة على مجهود تعاوني بين الإداريين، وعلى الأخذ في الحسبان البيئة التي تعمل فيها الادارة ، وعلى التدخل من طرف خارجي ، وعلى التطبيق العلمي للعلوم السلوكية. وعناصره هي:-




· خطة طويلة المدى.. لا يمكن توقع تغيير أو تطوير في أهداف وخطط وممارسات الادارة في يوم وليلة ، فخطة التطوير تأخذ على الأقل سنة.

· حل المشاكل وتجديد الممارسات.. هدفنا هو تقوية جهود الادارة في مواجهة مشاكلها . وهذه المواجهة تتم من خلال تطوير اسلوب متحيز للادارة لحل المشاكل والتكيف مع الظروف المتغيرة للبيئة المحيطة بهذه الادارة. وهذا الإسلوب المتحيز يتشكل من الادارة والإجراءات التي تكفل للادارة تحديد المشاكل واشتراك اجهزة الادارة في وضع حلول ، واسلوب لإختيار وتطبيق الممارسات الجديدة وخطط متابعة وتقييم الممارسات الجديدة.

· مجهود تعاوني للإداريين.. بصرف النظر عمن يقوم بإتخاذ قرار التطوير ، هناك مراحل تحتاج إلى تعاون الإداريين وتنمية أواصر الإتصال والتنسيق بينهم . وعلى الإداريين أن يقتنعوا بأن أي مشكلة في الادارة هي مشكلة الادارة كلها، وليست مشكلة تخص جزء معين منها. وتعاون الإداريين في جمع بيانات عن مشاكلها وتحليلها ، واقتراح الحلول من خلال أنظمة مفتوحة للإتصالات قد يساعد على نجاح التطوير ، ومن ضمن هذه الإتصالات ، والإجتماعات واللجان والتقارير المشتركة بين الأقسام وبين الإدارات وبين الإخصائيين .

· التأثر ببيئة الادارة.. إن وضع اسلوب مميز لحل المشاكل ولتجديد ممارسات الادارة يجب أن يكون مستنداً على فهم عناصر البيئة التي تعمل فيها المنظمة ، وعلى فهم كيف تؤثر البيئة في ممارستها.

· التدخل الخارجي.. يعمل الطرف الخارجي مثلاً على تشخيص المشاكل ، وتدريب العاملين على تطوير أنفسهم وعلى حل مشكلاتهم وعلى إقتراح بعض أساليب التطوير . ويعتمد مدى تدخل الطرف الخارجي على عمق المشكلة ، وكفاءة الإداريين ، وعلى فلسفة الإدارة في الإعتماد على طرف خارجي.

· التطبيق العلمي للعلوم السلوكية.. يعني استناد المنظمة في جهودها للتطوير على جمع معلومات عن المشاكل والإعتماد على خبرة الإستشاريين الخارجيين ،والإعتماد على مشاركة الإداريين في وضع حلول وجمع معلومات مستمرة عن تطبيق أساليب التطوير الجديدة وتقييمها. وتعتمد برامج التطوير التنظيمي على الإستفادة من مبادىء العلوم السلوكية والخاصة بتطوير الإتجاهات النفسية للعاملين ، وتطوير مهاراتهم واستعدادهم للتعلم وتقبل التغيير ، وتطوير مهارات العاملين في التعامل مع بعضهم البعض والثقة في النفس والمبادأة والإبتكار.




لماذا التطوير والتغيير؟





يمكن تلخيص الأسباب التي تدفع الادارات إلى إحداث تطوير وتغيير في أجزاءها إلى وجود تغييرات ومشاكل محيطة بها ، وأنه لا يمكن حل هذه المشاكل أو التواكب مع التغييرات المحيطة مالم تحدث بعض التغييرات في أجزاء الادارة وفي الإسلوب الذي تفكر به في مواجهة مشاكلها. ويمكن تحويلها على اهداف مثل:-




1. فحص مستمر لنمو أو تدهور الادارة والفرص المحيطة بها.

2. تطوير أساليب الادارة في علاجها للمشاكل التي تواجهها.

3. زيادة الثقة والإحترام والتفاعل بين أفراد الادارة.

4. زيادة حماس ومقدرة أفراد الادارة في مواجهة مشاكلهم وفي انضباطهم الذاتي.

5. تطوير قيادات قادرة على الإبداع الإداري وراغبة فيه.

6. زيادة قدرة الادارة على الحفاظ على أصالة الصفات المميزة لأفراد وجماعات وإدارات وعمل وانتاج الادارة.

7. بناء مناخ محابي للتطوير والإبداع.

الثلاثاء، 12 مايو 2009

المنافسة الطاهرة والقائد الذي نريد
نشر يوم الأربعاء 26 مارس 2008


"



أحمد الدان
تمثل القيادة في المشروع الإسلامي واحدة من أهم المهام والوظائف السامية التي ندبت إليها النصوص وحث عليها السابقون في خدمة المشروع الإسلامي عبر العصور، مستلهمين قول إبراهيم عليه السلام (واجعلني للمتقين إماما).



تلك الإمامة التي يتشرف بها الذين يقومون عليها ويعتزون بها لأنها ليست صفة دنيوية يستفيد بها أصحابها كمغنم من مغانم الحياة وإنما يعتبرونها إرثا نبويا لابد له من صفات التجرد والتضحية المناسبة لهذا الحمل القائم على قيادة الناس نحو الخير وهو المعنى الذي يلازم الصفات الأساسية للقيادة الإسلامية التي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بالنسبة الضئيلة عندما قال الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة وتمثل المنهجية القيادية في الحركة الإسلامية صورة مميزة في إدارة شؤون الناس وتحقيق المشاريع والأهداف وتتطلب سمتا معينا في الذين يتولون زمام أمورها.
فالقيادة في الغالب لا ترتبط بشخص بل يمارسها مجموعة متلاقية على أهداف وبرامج والتزامات تفرز من بينها من ينسق شؤونها ويتابع أمرها ويحرص على إتمام أعمالها ويتفقد مستوى إنجازاتها فيدعم ويوجه هذا ويحفز الآخر في شكل من القيم القيادية الموصوفة في النصوص بالتألم لعنت الأفراد والحرص على إنجاح مشاريعهم في ظل الرأفة والرحمة ليصبروا مع الذين يدعون ربهم ولا تعدو عنهم عيناه يخطفها بريق زينة الدنيا تستدرجه ممارسات من أغفل قلبه عن الذكر واتبع الهوى وخلا أمره عن إحكام تنظيمي تضبطه المؤسسات والشورى في خطط واضحة المعالم مستوعبة لكل الطاقات عاصمة بالأمر من أن يكون فرطا
ويشترط لهذا القائد شروطا تتناسب مع مستوى القيادة والريادة وتبرز السبق في الأمر لمجموع القادة الذين يصنعون الأمر ليس بأمانيهم ولكن من خلال احترافهم على أرض الواقع فيتطلب الأمر حيازته لصفات السبق القادرة على أن تجعل من قلوب الأفراد أغشية تحيط به فيأمر وبالحب يطاع تبادر إلى تنفيذ إلتماسة قبل أمره إرادات تعلم أنه يدعوها باتجاه القبلة كما الإيمان تصطف من ورائه الصفوف تسجد بسجوده وتركع بركوعه وتسلم إذا سلّم وأهم هذه الصفات:
1- التعفف:
فلا يطلب لنفسه شيئا ، وهو ضرب من التورع يلزم به القائد نفسه فلا تقوده إلى ما تشتهي بل تأمر هي بما يحقق المصالح وتتعفف عن أعراض الدنيا مدركة أن أمرها لله وأن ما عند الله خير وأبقى ويستجيب للتوجه النبوي إزهد في الدنيا يحبك الله وإزهد فيما عند الناس يحبك الناس.
فمنهجية القيادة لا تلتقي مع رغبات الإشتهاء خصوصا عندما يتعلق الأمر بالنفس إذ هي معرضة للإغراء تستعصم بالرئاسة في تبرير الأخطاء ومد اليد باتجاه اليمين واليسار وإطلاقها في الحق العام خصوصا بالنسبة لحركة تتقدم شيئا فشيئا نحو حيازة مرتبة متقدمة في تسيير شأن الدولة الذي تكثر فيه الرغبات على المكاره.

2- الغضب لله وتجاوز حظ النفس:
فهو مأمور بأن يحرص الحدود ويقف على المحارم وذلك يستلزم قاعدة أساسية هي أن يتجرد من حظ نفسه ويقدم الحقوق الواجبة لله على غيرها من الحقوق فإذا مست سارع بالانتصار لها والغضب من أجلها فيخلص من ذلك غضبه عن شهوة النفس ويتجرد لله ، فيصبح بذلك مهابا في الحق وليس من أجل شكل من أشكال الأشخاص بل إنه يتجاوز بالحلم عن الآخرين عندما يتعلق الأمر بنفسه متصفا بكظم الغيظ والعفو عن الناس والإحسان إليهم.

3- يشاور ولا ينفرد بالرأي:
لأن العمل القيادي مرتبط أساس باستخلاص الأفكار من عقول الرجال ، وتقليب الرأي معهم فمن شاور الرجال شاركهم عقولهم والمنفرد بالرأي يحمل صورة من صورة الاستبداد لا تنسجم مع طبيعة القيادة الإسلامية للمشاريع والأفراد ومن هنا جعل الأمر شورى في المنظومة القيادة الإسلامية مما يقتضي زيادة تعميق هذا المعنى خصوصا في ظل التحولات التي تشهدها المدارس الإدارية اليوم لتركيزها على المؤسسات والعمل المؤسسي الذي يرتكز أساسا على الشورى كمبدأ إلزامي في اتخاذ القرارات الأساسية ولا ينزعج من الشورى القائد الذي يجمع الصفات القيادية المؤهلة بل يتهرب منها فقط ضعيف الرأي قليل الحجة إذا غلبت عليه شهوة النفس في اتخاذ قرار يريد أن يلوي له النصوص ويحرج فيه الأتباع ولذلك قيل: ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام

4- يجمع ولا يفرق:
فمنظومة العمل الإسلامي مبنية أصلا على الاجتماع وثقافة الجماعة ونبذ الفرقة والتنازع ولذلك ترك سيدنا أبو عبيدة رضي الله عنه مبدأ التجميع التطاوعي لا الاختلاف قائلا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم "تطاوعا ولا تختلفا" وهي مذهبية يجب أن يرفعها القائد ويجعلها مجالا يقتدي به الناس عموما وأهل الدعوة خصوصا وذلك من مقتضياته ثقافة التجميع والابتعاد عن التفرق وأسبابه لأن ذلك من خصائص القائد الفاشل الذي يلتزم قاعدة فرق تسد التي هي منهجية في الزعامة الفارغة من القيم والفضائل التي حاربها الإسلام بمنهجية التآخي والمحبة.

5- يفهم ولا يتعالم:
فالقائد هو صورة الجماعة ووجهها الذي يقابل الناس به ولذلك يحرص القائد على حسن السؤال والفهم والاستماع وتقليب الرأي والتبين فيه وربط الفروع بالأصول وقراءة الأحداث في ظل أنواع الفقه المتعددة التي تقلب المقاصد على غيرها وتصنع التوازنات وتفقه الأولويات حتى تصدر القرارات الصائبة والصالحة في الاتجاه السليم بعيدا عن الإدعاء فأخطر ما في القائد أن يدعي علم ما لا يعرف ولا يستفيد من علوم الناس بل يتعالم عليهم ولنا في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في قبول الاستشارة في بدر والخندق وفي قوله:"أنتم أعلم بأمر دنياكم" نموذجا للقائد الذي لا يتعالم على أتباعه ولا على الناس فالقائد كالطبيب إن وصف الدواء عن جهل قتل مرضاه ، ومن الإخلاص حسن العلم والتوفيق إليه ، وقد وصف الله سليمان عليه السلام بالفهم وكان مبرر يوسف في تولي وزارة مصر الفهم والعلم أيضا.

6- يحرس الدين ويعمر الدنيا:
فالقيادة الإسلامية هي قيادة مبنية على القيم ومن واجبها إحياء الإسلام وحتى وإن يئس الناس من استمرار الدور الإسلامي كانت القيادة الإسلامية مبشرة ببقاء هذا الدور واستمراره وصلاحيته لأن مبرر وجودها مبني أساسا على قواعد وقيم الإسلام والدفاع عنها ونقلها كبرامج إلى الناس لعمارة الدنيا من خلالها بعيدا عن المحاباة والرشوة وأكل المال العام والتفريق في إقامة الأحكام بين الأقوياء والضعفاء فالقوي ضعيف أمام الحق والضعيف قوي بالحق ما دام الحق معه وعمارة الدنيا القائمة على الحق هي عمارة يصلح بها العمران وتبنى بها المؤسسات وتنشأ من خلالها قوة الأمم.
تلك أهم الصفات التي تحتاجها الحركة الإسلامية اليوم وهي تخوض معركة كثيرة التحديات وسط لجج من الفتن التي تكتنف التجربة بعد قرابة القرن من المسيرة التي خاضت كل أنواع وسبل وأساليب السير المتاحة والصعبة لتتبلور اليوم من خلال ربط تراثها الإسلامي بتطورات العصر ونقل تجربتها من العموم إلى التخصص ومن الشعارات إلى البرامج ومن البرامج إلى الممارسات التي بدأت تعطي ثمارا تنافس كبريات التجارب السياسية والاقتصادية والاجتماعية واحتاجت اليوم بشكل أكبر إلى من يحسن الاستفادة من كل الطاقات والعمل على كل الجبهات والتأسيس على المبادئ والقيم الضرورية لنجاح المشروع الإسلامي في هذه المرحلة الحساسة التي لا تقبل إلا من خلص له أمرها وتجرد من الضغوطات المختلفة وتطهر ثوبه وصلح محيطه ليستطيع أداء مستلزماتها وواجباتها.

7- القائد تفرزه الجماعة:
ولأنه كما تكونوا يولى عليكم والجزاء من جنس العمل فإن القائد الصالح لن يأتي من فراغ وإنما يخرج من بين الأفراد الصالحين تفرزه الجماعة من خلال المقارنة واحتياج المرحلة وقراءة التجربة وسبر أغوار الخلق والمعاملة والصبر والسر والمبادرة التي هي صفات أساسية يقتضيها موقع القيادة عندما تكون إمامة للمتقين ولا عيب في التنافس حولها لأنها مرتبة من مراتب الصلاح التي يتنافس فيها المتنافسون ضمن قواعد الصفاء الروحي وسلامة الصدر والإخلاص في العمل والتجرد من أخلاق الخصومة والمساس بالآخرين حيث تصبح المنافسة مثل ما كان يصفها الحديث الذي وصف الأنصار بأنهم يكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع فيتنافسون على التضحيات ويؤثر بعضهم بعضا عند المغانم.

8- التنافس الطاهر تأسيس أصيل:
وقد أسس السابقون لمثل هذه المنافسات الطاهرة الشريفة وكان عمر ابن الخطاب يسابق فيسبقه أبو بكر في المكرومات ويشرفه أن يسابق أمثال أبي بكر حتى وإن بزّه في السباق ليرسم لنا حدود المنافسة الشريفة سباقا في الخيرات وسموا في فضائل الأعمال يقتدي به المتنافسون على المكارم فالقيادة في الإسلام مكرومة وشرف لأنها تقوم أصلا على التضحيات والأعباء والمعاناة وحري برواد الحركة الإسلامية اليوم أن يؤسسوا مرة أخرى في واقعهم السياسي والاجتماعي لمثل هذه المنافسة الشفافة الطاهرة التي تؤمن أفضل القادة لأفضل المشاريع وأن لا ينزلق إلى ممارسات التيارات الأرضية الأخرى التي تحكمها ولاءات القبيلة والجغرافيا والعرق والدماء والعصبيات بدل أن ترسم المبادئ والأخلاق جغرافية التنافس لديها.
وهذا المعنى هو واقع فرضته طبيعة الأنظمة الأرضية ووسائل إعلامها التي أصبحت تبشر بالزعيم قبل غيره وتضرب عرض الحائط كل طاقات الأمة إذا خالفت الزعيم الأوحد مؤسسة للشخصانية والتعلق بالأشخاص التي يرفضها الإسلام وقيم القيادة فيه.
والحركة الإسلامية في تدافعها داخل هذا الواقع كثيرا ما تنجر إلى ممارسات تشبه أقرانها في عملية التغيير خصوصا عندما تلتقي الغايات حول قواسم مشتركة مثل حقوق الإنسان والحريات والعدالة والتنمية والتعددية وتغفل عن طبيعة المبدأ الرافض لتبرير الوسائل بالغايات بل شرف الغاية يجب أن يسبقه شرف الوسيلة والأسلوب، وبذلك يؤسس السالكون طريق الحق بأنواع أخرى من أساليب التنافس توصل إلى الغايات الحقة بعيدا عن الشبهات وشهوات الطريق يضبطهم في ذلك خوف الله من الانزلاق نحو الذات فالطريق الذي يسلكه الآخرون يؤدي إلى أعراض الدنيا وطريق الدعاة محفوف بالمكاره كطريق الجنة ينبغي على أهله الحذر من الانزلاق خصوصا عندما تلوح أمام المتنافسين غاياتهم المتعلقة بحب الجماهير والتفاف الناس الصارف عن مرضاة الله إلى مرضاتهم وهو امتحان لا يستطيع عبوره إلا من صنع الأخلاص لهم رايات التوفيق فانقادوا إلى الحق وقادوا الناس إليه بالإنصاف حتى على أنفسهم لا يجرمنهم شنآن أحد أن يعدلوا ملتزمين قول الله تعالى:(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)المائدة8.

ومن العدل في المنافسة النظر في المآلات والنهايات فإن أجواء المنافسة كثيرا ما تصنع تزيينا للنفس فتخطئ في حق من تنافس ولذلك كان الإمام علي رضي الله عنه يقاتل أهل الجمل ويقول:"إخواننا بغوا علينا" ولا يصفهم بما يسيئهم في دينهم وقد انتبه لذلك ابن العربي عندما أسس في القديم لهذا المعنى بكتابه "العواصم من القواصم" وعلى نهجه قعّد ابن مختار الشنقيطي تقعيدا حديثا لقراءة فقه الخلاف السياسي بين الصحابة رضوان الله عليهم وهي الرسالة الموصوفة بأنها رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ أقامها على اثنين وعشرين قاعدة حري بالذين يخوضون في مجال المنافسات والتنافس أن يجعلوها جزء من زادهم فيقرؤوا فيها قاعدة التثبت في النقل والرواية وقاعدة استصحاب فضل أولي الفضل وقاعدة التمييز بين الذنب المغفور والسعي المشكور والتمييز بين منهج التأصيل وقراءة التاريخ وقاعدة الاعتراف بمحدودية الكمال البشري وثقل الموروث الجاهلي وقاعدة اجتماع قلة اجتماع الأمانة والقوة والأخذ بالنسبية وقاعدة عدم الخلط بين المشاعر والوقائع وقاعدة اجتناب الصياغة الاعتقادية للاختلافات الفرعية والتنبيه إلى الابتعاد عن منهج التهويل والتعميم والتأول للنصوص والتفريق بين القصور والتقصير وترك الخطاب القدري والحكم على الناس بالظواهر وترك السرائر لله.
القيادة العمرية
نشر يوم الأثنين 04 فبراير 2008


"



أحمد الدان
كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرة إلى سعد ابن أبي وقاص وكان واليا على العراق فقال له: "عد مرضى المسلمين، واشهد جنائزهم، وافتح بابك، وباشر أمرهم بنفسك، فإنما أنت رجل منهم، غير أن الله جعلك أثقلهم حملا، وقد بلغني أنه فشا لك ولأهل بيتك هيئة في لباسك ومطعمك ومركبك، ليس للمسلمين مثلها، فإياك يا عبد الله أن تكون بمنزلة البهيمة التي مرت بواد خصيب، فلم يكن لها إلا السمن، وأن حتفها في السمن، واعلم أن للعامل مردا إلى الله، فإذا زاغ زاغت رعيته، وإن أشقى الناس من شقيت به رعيته والسلام.



شكل عمر ابن الخطاب نموذجا متميزا في كثير من المجالات وبذلك جاء فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو لم أبعث فيكم لبعث فيكم عمر.
وكان أكثر تميزه أخذ نفسه بالشدة والعزيمة التي أهلته ليكون قائدا على أعلى المستويات القيادية التي جعلته يتجاوز عقد الصراع ويتغلب على الخصم مهما كان مستواه حتى إبليس فقد روي أنه إذا سار عمر في طريق لا يسير فيها الشيطان..
وقد كان عمر زاهدا رغم علمه بلذات الحياة ولكنه كان يقول: إني أستبقي طيباتي، وقد كان بعض أصحابه يحضر طعامه ولا يشاركه فيه فسأله يوما ما يمنعك من طعامنا فرد عمر مغضبا أترى أني أعجز أن آمر بصغار المعزي فيلقى عنها شعرها، وآمر بلباب البر ثم آمر به فيخبز خبزا رقاقا، وآمر بصاع من زبيب فيقذف في سعن (قربة) حتى إذا صار مثل عين الحجل صب عليه الماء، فيصبح كأنه دم الغزال فآكل هذا وأشرب هذا؟! والذي بيده، لولا أن تنتقص حسناتي لشاركتكم في لين عيشكم، لكني أستبقي طيباتي لأني سمعت الله تعالى يقول عن أقوام "أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها".
وعلى هذا المنوال سارت حياة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في استبقاء طيباته لغده وعدم استعجاله عليها مما جعله يعطي القدوة في كل شيء حاملا شعار كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يصبني ما أصابهم، وعلى هذا المنوال أيضا كانت الروح القيادية لعمر ابن الخطاب رضي الله عنه حيث كان يعتبر أن صلاحه هو الضمان لصلاح رعيته..
ولأن عمر ابن الخطاب كان يقود دولة ناشئة فقد حرص كل الحرص على أن يؤمن لها أسس الاستمرار القوي ولذلك كان يعتمد بشكل كبير على إصلاح أمرين أساسيين: الرجال والمال.
كان عمر رضي الله عنه حريصا على اختيار القادة الذين يبعث بهم في الفتحات حرصا شديدا جعله يتخير ويراجع ويتابع المسؤولين متابعة دقيقة ويكره أن يكون بينه وبينهم العوازل والفواصل بل كان اهتمامه يتركز بشكل كبير على أعمالهم وهم في حالة العمل وهو ما جعل ذلك الاهتمام يتحول إلى حالة من الفتح الرباني فيرى جنده في المعركة ويوجههم وينادي عليهم بذلك التوجيه المشهور> يا سارية الجبل..
كما كان من حرصه على الرجال يحيطون به أن منع في بداية أمره كبار الصحابة من الخروج من المدينة ليبقى الرائد الأوفى قريبا من مركز صنع القرار، حيث لم يكن عمر رضي الله عنه مستفردا بالرأي قط وأفضل الرأي ما اجتمع عليه كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كأنه لم يكن يستعمل على أساس القرابة، فلم يولي أحدا من أهله بل رفض حتى أن يكون إبنه عبد الله من الذين أوصى بأن يكونوا المجموعة التي يختار منها خليفته كما لم يولي أحدا من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حاور إبن عباس في ولاية حمص واستشاره ولكنه لم يوله أمرها، كما أثر عنه قوله: إني لأتحرج أن أستعمل الرجل وأنا أجد أقوى منه.
ويوم أن عزل شرحبيل ابن حسن عن الشام خطب في الناس قائلا:> إني والله ما عزلت شرحبيل عن سخطة، ولكني أردت رجلا أقوى من رجل.
وقد وصف إختياره للرجال بقوله:> أريد رجلا إذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم، وإذا كان أميرهم كان كأنه رجل منهم.
ولم يكن أحد أكثر تواضعا من عمر، غير أنه كان يتواضع في عزة ويشتد في رحمة ولذلك رفض تولية أحد ولاته عندما كان يكتب له عهد الولاية فجاء أحد أبناء عمر فجلس في حجر الخليفة فقبله فقال الرجل: يا أمير المؤمنين لي عشرة أولاد ما دنى أحد منهم مني فمزق عمر كتاب الولاية وقال: >إذا لم يرحم أولاده فكيف يرحم الرعية.
وكتب مرة إلى سعد ابن أبي وقاص وكان على العراق فقال له: عد مرضى المسلمين، واشهد جنائزهم، وافتح بابك، وباشر أمرهم بنفسك، فإنما أنت رجل منهم، غير أن الله جعلك أثقلهم حملا، وقد بلغني أنه فشا لك ولأهل بيتك هيئة في لباسك ومطعمك ومركبك، ليس للمسلمين مثلها، فإياك يا عبد الله أن تكون بمنزلة البهيمة التي مرت بواد خصيب، فلم يكن لها إلا السمن، وأن حتفها في السمن، واعلم أن للعامل مردا إلى الله، فإذا زاغ زاغت رعيته، وإن أشقى الناس من شقيت به رعيته والسلام.
وكتب إلى عمر بن العاص والي مصر >كن لرعيتك كما تحب أن يكون لك أميرك ووقع لي عنك أنك تتكئ في مجلسك، فإذا جلست فكن كسائر الناس ولا تتكئ.
وكتب إلى أبي عبيدة بن الجراح: أما بعد فإنه لم يقم أمر الله في الناس، إلا حصيف العقدة بعيد الغرة، لا يطلع الناس منه على عورة، ولا يحنق في الحق على جرة، ولا يخاف في الله لومة لائم والسلام عليك.
وأما ما تعلق بالمال فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أحرص الناس على المال العام، وقد كان يعسر فيستقرض وقد مات رضي الله عنه وعليه الدين ولم يدفن حتى وفاه عنه عبد الله بن عمر.
وقد كان من حرصه على بيت المال أن أحد عمال بيت المال كان ينظفه يوما فوجد فيه درهما فدفعه إلى إبن لعمر فاستدعاه الخليفة حين بلغه الأمر وقال له أوجدت عليك في نفسك سببا ؟ أردت أن تخاصمني أمة محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الدرهم يوم القيامة.
وقد نهى إمرأته بشدة على طيب مست منه وهو من طيب بيت مال المسلمين.
وقد أهدى أبو موسى الأشعري إلى عاتكة زوجة عمر سجادة صلاة صغيرة فلما رآها عمر وعمل مصدرها أمر بإحضار أبو موسى الأشعري وإتعابه ثم ضربه على رأسه بالسجادة قائلا: ما حملك على أن تهدي لنسائي.
وقدم بريد ملك الروم على عمر فاستقرضت إحدى زوجاته دينارا واشترت به عطرا وجعلته في قوارير وبعثت به مع البريد إلى زوج ملك الروم فقامت هذه بتفريغ القوارير بما فيها وملأتها جواهر وأرسلت بها إلى زوج عمر، فلما بلغ الخبر عمر أخذ الجوهر وباعه ودفه لإمرأته دينارا وجعل ما بقي من ذلك في بيت مال المسلمين. وكان يقدم ذوي الفضل من المسلمين فقد قسم أكسية على نساء المدينة وبقي منها كساء جيد فقال بعضهم يا أمير المؤمنين إعطي هذا إبنة رسول الله التي عندك فقال عمر: أم سليط أحق به فإنها ممن بايعن رسول الله وكانت تحمل القربة تسقي الناس يوم أحد.
ولذلك قال فيه علي بن أبي طالب يوم أن جاءت غنائم كسرى واستعجب منها عمر يا أمير المؤمنين إنك عففت فعفت رعيتك ولو رتعت لرتعت.
: الجبهة الاجتماعية.. فرص وتحديات(*)
نشر يوم الأثنين 02 أكتوبر 2006


"الشيخ أبو جرة سلطاني
يمكن أن نبدأ بطرح مجموعة من التساؤلات:
هل تمت دراسة أوضاعنا الاقتصادية ليبدأ فك الارتباط بين سياسة الاعتماد الكلي على ريوع النفط، وسياسة تنويع المصادر؟

ما هي هذه المصادر المحتمل تنويعها والاعتماد عليها؟ وهل الرهان على سياسة الدعم الفلاحي مثلا أعطت أكلها أم أن السياسة الاقتصادية بحاجة إلى مراجعة كلية ضمن استراتيجية دعم النمو بأصلها الكبير المتمثل في برنامج 55 مليار دولار، وفرعيها المتعلقين بتنمية الجنوب وتنمية الهضاب العليا؟
لماذا لا نتحدث بصوت عال عن تحرير سعر الصرف ليأخذ الدينار الجزائري قيمته الحقيقية من "قدرته الشرائية" وليس من حساب الأجر الوطني الأدنى المضمون، كأن نتحرك على قاعدة افتراض نمو اقتصادي حقيقي يدور بمعدل 05 سنوات نمو تتراوح بين 5 و7 بالمئة كما هو حاصل بوطننا تنمويا –حسب الإحصائيات الرسمية- بين 2000-2005 وربما يستمر كذلك بين 2006-2010 مثلا؟

إن فكرة التنمية الاجتماعية التي نتحدث عنها ليست أمراً جديداً ولا تتناقض إطلاقا مع سياسة الحماية الاجتماعية، في بعدها الإنساني والوطني، ولكن الجديد فيها هو الانتهاء من مرحلة الدولة الراعية إلى طور الدولة المنظمة التي تتيح الفرص لجميع مواطنيها ليشاركوا بفعالية "في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية" كما تنص المادة 62 من الدستور.
فالحقوق المكفولة للجميع ينظمها القانون دون سواه والواجبات المفروضة على الجميع يمليها الواجب الوطني وحده، ولا يستثنى من هذه القواعد العامة إلاّ ذوي الحاجات الخاصة.
وقد يقول البعض: إن هذه المسائل معروفة، فما الجديد في هذا الطرح؟ والجواب هو: إن الجديد يكمن في غياب سياسة تأهيل شاملة لواقعنا الاقتصادي والاجتماعي. والتأهيل الذي ننادي به لا ينحصر في الدعوة المشروعة للزيادة في الأجور، وإنما هي دعوة لفتح النقاش في السياسة الاقتصادية المنتهجة.

ولعل خير تعبير عن هذه الحالة يعكسه قول أحد السياسيين عندما قال: "إن العمال في بلادنا يتظاهرون بأنهم يعملون والحكومة تتظاهر بأنها تدفع لهم رواتب.. ويوم تنتهي سياسة المخاتلة تحلّ "المشكلة الإقتصاية برمتها".
وهذه حقيقة مرة لا تحب بعض الأطراف سماعها، ولكنها تعكس واقعا مؤلما.

إن الفرص كلها متاحة، والمؤشرات جميعها إيجابية، والخطابات الرسمية مجمعة على التفاؤل المعزز بالأرقام والإحصائيات، وكل عناصر الإقلاع الاقتصادي متوفرة، والإيجابيات المحققة في الميدان باعثة على الارتياح، بل مشجعة على الاستمرار اعتمادا على ما جاء في الخطابات الرسمية للقاضي الأول للبلاد.

فلماذا إذن نتحدث عن جبهة اجتماعية لها كل فرص الإقلاع والنجاح، وأمامها تحديات تملك الدولة إرادة قوية لتجاوزها؟
الجواب بالمختصر المفيد يكمن في كلمتين:
- الأولى، أن التوترات الاجتماعية المتزايدة وتداعياتها (على جميع المستويات) صارت تشكل مؤشرات سلبية على أوضاع اجتماعية متوترة لم تفلح المسكنات الاقتصادية في تهدئتها، وهو ما يدعونا إلى الإسراع بفتح النقاش الواسع حول الجبهة الاجتماعية برمتها، وليس حول مجرد الحديث عن مسألة رفع الأجور كمطلب تمت إحالته رسمياً على الثلاثية.
إن لقاء الثلاثية إذا تمّ بغير إنضاج للملفات الساخنة، وبغير تقديم لمسودة العقد الاجتماعي ولم يتعرض إلى مناقشة توترات الجبهة الاجتماعية سيكون لقاء بروتوكوليا، لأن العمال لم يعودا يثقون كثيراً لا في النقابة ولا في الباترونا.
فقد تقدم الثلاثية مقترحات تقنية مشجعة على تبني مطلب الزيادة في الأجور بنسبة تتراوح بين 5 و15 بالمئة، وقد تتبنى الإرادة السياسية هذا الطموح المشروع ويصير مكسباً لجميع العمال، بمن فيهم عمال قطاع الوظيف العمومي، ومع ذلك تظل التوترات الاجتماعية قائمة، وقد تتفاهم، والسبب المحرك لكل هذه التوترات الاجتماعية يكمن في شعور المواطن الجزائري بغياب العدالة الاجتماعية، وتفاقم بيروقراطية الإدارة، والمفاضلة بين الناس، والمعاملة التفاضلية التي تمارسها بعض الجهات الإدارية، هذا سبب أول، وهناك سبب ثان يتمثل في المفارقة الواسعة في سلّم الأجور بين القطاع الاقتصادي والقطاع الخدماتي (الوظيف العمومي) فالجزائري العامل لا يفهم طبيعة الفروق الصارخة بين راتب مهندس في الإعلام الآلي مثلاً يعمل في الإدارة الخدمية وشقيق له في نفس التخصص يعمل في الشركة (في الإدارة الإنتاجية)، خاصة أن الفارق يصل أحياناً إلى خمسة أضعاف! ؟

ومع أن الجواب التقني واضح بنص القانون وبالعادة أيضاً، إلاّ أن "العقلية الاشتراكية" مازالت تحكم المنطق الشعبي، بل إن الواقع الاقتصادي يكرس ذلك، فأسعار الماء والكهرباء والغاز والنقل والإيجار.. الخ، كلها واحدة، وكذلك الضرائب واحدة سواء كنت من سكان العاصمة أم من سكان برج باجي مختار، وهذا ظلم اجتماعي كبير بحاجة إلى تصحيح، ذلك لأننا لم نخرج من دائرة الحماية الاجتماعية والتضامن الوطني لندخل في منطق التنمية الاجتماعية والمنافسة النزيهة، وما دامت سياستنا تضامنية حمائية مصدرها النفط والغاز وليس القيمة المضافة ولا الجهد المبذول، فالأصل أن تتوحد رواتب عمال الدولة في النشاطين الاقتصادي والإداري –فكلا هما منتج– وكذلك بين القطاعين العمومي والخاص فكلاهما قطاع وطني (حتى لا تتكرر ظاهرة هجرة الطيارين من الخطوط الجوية الجزائرية إلى شركات خاصة ضاعفت لهم الرواتب بما يقارب 05 مرات، وكذلك تحوّل المستفيدين بالتقاعد المسبق والذهاب الطوعي والمعاش الجزئي.. إلى خبراء في شركات خاصة، بل إلى أرباب عمل في القطاع الخاص يستخدمون إمكانيات القطاع العمومي)، وهذا الاقتراح نفسه ينسحب على فكرة تخفيف الأعباء المشتركة على سكان الأرياف والبلديات النائية والولايات الداخلية كسياسة اقتصادية تمهيدية تجسّر العلاقة بين مرحلة الحماية الاجتماعية باتجاه التنمية الاجتماعية، وتعطي لبرنامج دعم النمو ديناميكية اجتماعية حقيقية من شأنها أن تمتص تشنجات الجبهة الاجتماعية وتحول ظاهرة المطالبة بالحقوق عن طريق الاجتماع إلى ظاهرة المواطنة الكاملة.
وهي ظاهرة سلبية حالياً الشعور بسياسة المواطن بسياسة الكيل بمكيالين، قد تصبح إيجابية ومحمودة إذا وفرنا لها شرطين:
• التحول المتدرج من سياسة الحماية الاجتماعية والتضامن الوطني (إلاّ في حالات خاصة) إلى التنمية الاجتماعية والتنافسية بشروط اقتصاد السوق المرحلي.
• اعتبار القطاعين العام والخاص قطاعاً وطنيا متكاملاً ومندمجاً يسهم في توفير الشغل للأيدي العاملة وتوسيع حجم الثروة ورؤوس الأموال وتحريك دواليب الاقتصاد الوطني وفقا لأولويات وطنية محسوبة واستراتجيات قطاعية تنافسية تهتم أساساً بالاستثمار في العنصر البشري كون التقانية صارت متاحة وقابلة للتصدير والاستيراد.
وفي ظل هذا التحول التدريجي تهتم الدولة بتنظيم جبهتها الاجتماعية.

هذا عن الفكرة الأولى -في نظرنا– المفسرة لظاهرة التناقض بين الراحة المالية والرفاه الاجتماعي والمتسببة في توتر الجبهة الاجتماعية، وأما السبب الأخر فهو سياسة المجانية.
- الثاني، أن سياسة المجانية في التعليم والصحة والسكن مكسب وطني نفتخر به، ولكنها في الميدان التطبيقي داخلتها بعض التغيرات الغامضة التي جعلت كل شيء تقوم به الدولة حقوقاً مكتسبة للمواطن، إذا لم تنجزها الإدارة في أوانها ثار عليها المواطن فأحرق وحطّم مطالباً بحقوقه، بل إن المواطن صار يثور ويحتج لاعتقاده أنه يطالب بدينه على الدولة، فإذا تأخر تسديده وجب على المواطن أن يحتج وينتفض ويعبرّ عن غضبه بالطرق السهلة.

إنه باستثناء مجانية التعليم المقررة دستوريا في المادة 53، بأنها حق لجميع المواطنين بل هي إجبارية في طورها الأساسي، فإن الصحة (ومعها الضمان الاجتماعي) والسكن مثلاً حقان بحاجة إلى تنظيم وترشيد بما يحقق المقاصد الكبرى من رعاية الدولة لذوي الدخل المحدود أو للفئات الخاصة أو لمستويات اجتماعية واضحة حتى لا تبقى الميزانية الاجتماعية الضخمة موجهة للجميع، وفي نفس الوقت، هي عرضة لنقد الجميع وغضب الجميع.. لأن سياسة إدارتها وتسييرها مازالت محكومة بالعقلية الاشتراكية في مسارات الحماية الاجتماعية والتضامن الوطني.
لأجل هذه المعاني قلت، في بداية كلمتي، إن النقاش يجب أن ينصب حول محورين:
- محور السياسة الاقتصادية المنتهجة في بعدها الاجتماعي.
- ومحور النتائج والانعكاسات الملموسة على الواقع المعيشي لكافة المواطنين.
وهذه الندوة الاقتصادية فرصة لفتح النقاش حول هذا الموضوع بعيدا عن التشكيك في النيات، فالدستور نفسه قد ضمن حق الدفاع عن هذه الحقوق بصريح العبارة، وقد جاء فيه (في باب الحقوق والحريات) المادة 33 ما يلي:
((الدفاع الفردي، أو عن طريق الجمعية، عن الحقوق الأساسية للإنسان، وعن الحريات الفردية والجماعية، مضمون))، إذن، فنحن نمارس حقنا الدستوري في الدفاع عن الجبهة الاجتماعية بما نقدمه من تصويبات للسياسة الاقتصادية وكل هذا مدوّن في برنامجنا السياسي.
ومن أهم هذه الحقوق التي ندافع عنها، الحق في العيش الكريم حسب الدستور، الذي جاء فيه أن:
- لكل مواطن الحق في الرعاية الصحية (المادة: 53)
- ولكل مواطن الحق في العمل (المادة 54).
- ولكل مواطن الحق في الحماية والأمن والنظافة (المادة: 55)
- ولكل مواطن الحق في الراحة (المادة: 55)
- ولكل مواطن الحق في تأسيس نقابة (حسب مفهوم المادة: 56)
- ولكل مواطن الحق في الإضراب، ويمارس في إطار القانون (المادة: 57)
ودفاعنا عن الحقوق المقررة دستورياً يدخل في صميم نشاطاتنا كمواطنين مأمورين بنص الدستور أن نحمي الملكية العامة –التي صارت عرضة للنهب والاحتيال- وندافع كذلك عن مصالح المجموعة الوطنية، ونحترم ملكية الغير.. حسب المادة:66.
ولذلك نقولها اليوم بصوت عال: إن السياسة الاقتصادية المنتهجة لا يمكن أن تحقق أهدافها الاجتماعية مادامت مسيرة إدارياً ومحكومة بيروقراطياً.
إذن، هذه الندوة هي فضاء اقتصادي اجتماعي للنقاش حول هذه الإشكالية الجزائرية التي تحاول الإجابة عن سؤال كبير: لماذا نمتلك إمكانيات اقتصادية ومالية ضخمة ونتوفر على فرص متنوعة ومع ذلك لم يتحقق الرفاه الاجتماعي المأمول ؟ بل إننا نحاول أن نطرح هذه الإشكالية في شكل معادلة بحاجة إلى ضبط يصل بنا إلى أحداث التوازن بين الأرقام والمؤشرات الاقتصادية الخضراء رسمياً، ولاسيما منها التي جاءت في خطاب السيد رئيس الجمهورية أمام العمال بمناسبة الذكرى الخمسين للتأسيس، وما جاء في خطابه أما نساء الجزائر في اليوم العالمي للمرأة، وبين المؤشرات البرتقالية الشعبية على صعيد الجبهة الاجتماعية، وما نسجله كل يوم من توترات وانحرافات واحتجاجات وتهديدات لم تشفع لها قوانين المصالحة الوطنية... وهدفنا الواضح هو تجنب نظرية المعالجة عن طريق الصدمة، والابتعاد عن سياسة ((توزيع ريوع النفط)) والانخراط في مسار ((أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه))، وهي في نفس الوقت دعوة لجميع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، لتثمين قيمة العمل إلى درجة أن تصبح القيمة المضافة شيئا محسوسا يقابله أجر قاعدي محترم، أو يوازي رفعاً للأجر بشكل محسوس نقترحه بزيادة متدرجة، خلال خمس سنوات، تتراوح بين 5 و15بالمئة.
----------
(*) مقتطف من كلمة رئيس في افتتاح اليوم الدراسي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، تحت عنوان: الجبهة الاجتماعية..فرص وتحديات، المنعقد يوم الخميس 09 مارس 2006م بالجزائر.
عبد المجيد مناصرة

بسم الله الرحمن الرحيم
هذه وجهة نظر أقدمها بين يدي المؤتمر الرابع لحركة مجتمع السلم لكل من يهمه أمر هذه الحركة ويشغله وضعها الحالي ويتمنى لها النجاح والتوفيق.. مستخلصة من مسار التجربة ولحظات التأمل وجلسات القراءة والمدارسة واستشارة الإخوان.
قد لا تكون متكاملة ولكنها تفتح النظر وتساعد على النقاش وتشجع على التفكير وتحدد المسارات لمن نوى السير بعزم معا نحو الهدف.. وهي بذلك تبقى وجهة نظر مطروحة علانية حتى لا تضيع الحقيقة في صخب الضجيج ولا يضعف الحق في غفلة أصحابه.
وسأكون سعيدا إن استفادت منها الحركة وأفادت أعضاءها وقياداتها وسأكون ممتنا لكل تصويب وتصحيح وكل إضافة وإفادة. وجزى الله الجميع خير الجزاء.
أخوكم: عبد المجيد مناصرة
20-04-2008



أولا: توطئة
قال جلّ ذكره: (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
إن حركة مجتمع السلم الجزائرية وهي تمارس عملية الإصلاح، الذي آلت على نفسها إلا أن يكون خالصا لله تعالى وخادما لمصالح البلاد وأمة الإسلام، ستدخل إن شاء الله تعالى مرحلة متقدمة في مسارها السياسي والتربوي والتنظيمي.
وهي اليوم تخوض تجربة فريدة تمازجت فيها معاني المحنة مع معاني المنحة، وذلك من خلال اكتسابها لثقة آلاف المواطنين وتمكّن أفرادها من إدارة شؤون الأمة في الوزارات والمجالس المنتخبة والأجهزة التنفيذية، وكافة المواقع المتعددة التي لم تأت من فراغ وإنما جاءت بعد عمل تراكمي منهجي كثيف وعبور شاق في مسالك البيان والتعريف ومدارج التربية والتكوين.
واليوم ونحن بين يدي المؤتمر الرابع لحركتنا المباركة، سنتذكر معا بعمق وروية نهاية المرحلة التي قادها الشيخ المؤسس محفوظ نحناح رحمه الله تعالى، والتي كانت مرحلة تأسيس ومؤسسات، تمّ فيها بناء الحركة وتعارف أبناؤها وانتشرت فيها فكرتها بين الناس، وامتزجت أخبارها عبر الآفاق وحملت هموم الشارع وظلت حاضرة في كلّ المواقف رغم ضريبة الابتلاء والمحن لتصبح مكونا أساسيا في الساحة السياسية المحلية والإقليمية، آخذة بزمام المبادرة، وقيادة الصحوة الإسلامية نحو مواقع أفضل وأرحب.
وعندما داهمت هذا الوطن العزيز حيصات وهزاهز وفتن كقطع الليل المظلم، واختلطت حين ذاك المفاهيم والقيم واختلت موازين الصلاح والفساد، بادرت الحركة بالأفكار والأعمال المتميزة، ووقفت مواقف حرجة في غاية الصعوبة إلا أن رجالاتها قد تحملوا تبعات كل ذلك في ظل ثقةٍ في القائد المؤسس رحمه الله تعالى ومن معه من القيادات، وصبروا على ضريبة المشروع، الذي سرعان ما تكلل بالفرج الواسع الذي أصبحت بموجبه الحركة ملء السمع والبصر، وشريكا مهما يخوض غمار تجربة فريدة في مشوار الحركة الإسلامية التغييري، لتصبح هذه التجربة لاحقا محلا للاعتزاز والافتخار ومظنة للنمو والعطاء إذ ما تمت رعايتها ليكتمل القصد وتتحقق الغاية التي لا تختصُ بأفراد الحركة وحدهم بل بأبناء هذا الوطن الذين يزيدون ولا ينقصون في دعم حركة مجتمع ربانية واقعية وموضوعية يحوطها سياج من الرجال والنساء الذين ارتبطوا وتعاهدوا على أركان الفهم والعمل والإخلاص والتضحية والأخوة والثبات والثقة والتجرد والطاعة الواعية وبذل المجهود.
وإذ تقرر ألا قوة تخلو من الضعف ولا ثواب يخلو من الخطأ، وأنه لا يوجد شر محض ولا خير محض، فإن أعمالنا ومشاريعنا مطلوبٌ لها الاستكمال ببذل المستطاع، فلا نعتقد الكمال والعصمة بل نطلب دائما البرامج الرشيدة والأفكار السديدة والرجال المؤهلين، ونسعى لتكون حركتنا في طليعة التغيير وريادته، محافظين على المكتسبات في عملية تراكمية تحترم السابق وتعترف بفضله، وتضيف عليه ما يثلج صدر أبناء الحركة الإسلامية والأمة الذين يتطلعون كل يوم نحو نور يبزغ وسط ظلمات الابتعاد عن نهج الإسلام وقيمه.
ومن أسوء أدوائنا أن قد أصيبت حركتنا في السنوات الأخيرة ببعض التعثرات في المسار تمثلت في ضياع هيبتها، واهتزاز صورتها، وذبول ملامحها، وهشاشة خطابها، وتعطيل طاقاتها، وتراجع سمتها التربوي، وطغيان شيء من الأنانية والمصلحية على بعض أفرادها وقادتها.
والحركة اليوم وهي مقبلة على مؤتمرها الرابع تحتاج وهي ترفع شعار الإصلاح والتغيير إلى الاسترشاد بالمعالم وإعادة ترتيب الأولويات وربط المواقف بالمبادئ والوسائل بالأهداف والعلم بالواقع، مع اعتناءٍ بالبيت الداخلي، وتوسيعٍ للانتشار، وإبداعٍ في تطوير الأداء وتفعيلٍ شبكة العلاقات الداخلية والخارجية بما يؤمن السير والمسير، ويوسع دائرة المؤيد والنصير.
ولن نطمع بتحقيق هذه الأحلام والآمال بعد التوفيق من الله إلاّ بتضافرٍ في الجهود، وتكامل في الأداء وتشاور في القرار، وتناغمٍ في الإحساس، مع وعي بأهمية الفرد داخل هذه الحركة فهو يمثل رأسمالها وحجر الزاوية من برنامجها، وأي رؤية مستقبلية للتطوير ينبغي أن تبدأ أولا بتطوير الفرد بتصحيح نيته وتقويم فهمه وتفعيل جهده لإعادة الثقة والعزة (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) المنافقون8.

ثانيا: المعالــم
تمتلك حركتنا بحمد لله تعالى وفضله عناصر قوة كثيرة تجعل منها أكثر الأحزاب الجزائرية تأهيلا لقيادة المجتمع وصناعة مستقبل زاهـر له في كنف الإسلام وفي إطار الدولة الحديثة.
ومن عناصر القوة هذه أنها تملك مشروعا تغييريا لتربية المواطن الصالح وبناء الأسرة المتماسكة وإصلاح المجتمع الموحد وقيادة الدولة القوية وخدمة الأمة الكبيرة.
ولهذا المشروع معالم أساسية يمكن اختصارها وتصنيفها على النحو الآتي:
1- إسلامية الفكرة: ففكرة الحركة إسلامية بحتة تطرح استعادة دور الإسلام في الحياة وهي تصنع هويّة الحركة وترسم ملامحها وتحدّد سياساتها بما يعطيها سلامة المقصد وصحة المنهج ووضوح الرؤية والحرص على تعميم فائدتها وانتشارها والثبات عليها والتجرد والإخلاص لها. والفكرة هي الحاكمة للمواقف والسياسات والبرامج.
2- ربانية الدعوة: وللحركة دعوة تسبق الدولة، دعوة خالصة لله ليست لغيره من البشر، وهي كذلك دعوة لكل الناس وليست للبعض دون البعض تبتغي من ورائها نشر قيم الإسلام وتعاليمه وأخلاقه ودعوة الناس إليها على بصيرة، (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)يوسف108. واهتمام الحركة بقضايا الدعوة الإسلامية يوازي أو يفوق اهتماماتها بقضايا السياسة والحكم.
3- وسطية المنهج: منهج الحركة ينتمي إلى المدرسة الوسطية في سلميته واعتداله وواقعيته وفهمه للإسلام بمقاصده وشموليته وحرصه على الجمع بين التربية والسياسة وبين الدعوة والدولة وبين الفرد والمجتمع في توازن دقيق وتكامل منصف.
4- سلمية التغيير: تعتمد الحركة على أسلوب التغيير السلمي الديمقراطي وفقا لمبدأ التداول على السلطة، رافضة العنف كأسلوب للوصول إلى السلطة أو للبقاء فيها، ومتبعة للمنهجية المرحلية في التغيير، وتحدد لكل مرحلة أهدافا ووسائل تكافئها.
5- واقعية السياسة: الحركة لا تصادم السنن الكونية بل تنظر إلى الواقع كما هو وتحاول فهمه جيدا، وعلى ضوء ذلك تختار السياسات القابلة للتطبيق والنجاح، وهي أيضا تؤثر النواحي العملية على الثرثرة الخطابية وتفضل الإنجاز على الافتراض، لأن أصحابها قوم عمليون، ينسبون كل مسألة لا ينبني عليها عمل إلى اللغو والبطالة وإهدار الوقت والجهد.
6- إصلاحية المشاركة: فاستمرار الحركة في إستراتيجية المشاركة السياسية مكفول بإحياء البعد الإصلاحي فيها لقوله تعالى: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ)الحج41، فالمشاركة بهذا الضابط تمكين جزئي يستوجب مقابلا من وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي طريق صالح للوصول إلى التمكين الكلّي بإذن الله تعالى (وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) الحج41، وهي مشاركة تصلح ما أفسده الآخرون. وينطبق على رجال المشاركة وصف الغرباء الذين يصلحون ما أفسده الناس، كما جاء في الحديث: (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء، قيل من هم يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون ما أفسده الناس).
7- اجتماعية النفع: فقضايا المجتمع وحاجات الناس تسجل أولوية مهمة في برنامج عمل الحركة، ومدار اهتماماتها. والحركة بانحيازها وتخندقها مع الشعب وهمومه تستجيب لما تمليه عليها طبيعة المرحلة وحساسية الجبهة الاجتماعية. واستقرار البلاد مرتبط ومشروط باستقرار المجتمع وفئاته.
8- مؤسسية القيادة: القيادة في الحركة جماعية هيكليا ومنهجيا وسلوكيا تحكمها الشورى الملزمة وتؤطرها المؤسسات الفاعلة أي أن هناك مؤسسة تقود لا فرد يقود لوحده، ونجاحات الحركة تصنعها الجماعة عندما تحميها من الأنانية والانفرادية والدكتاتورية، وليست القيادة الجماعية غاية في حد ذاتها بل هي وسيلة لتقديم أحسن صور القيادة فعالية ومردودا. (وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي، كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً، وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً) طه29-34.
9- مصداقية الخطاب: تكمن قوة خطاب الحركة في صدقه وتماسكه وابتعاده عن التناقض واحترامه لعقول الناس واستيعابه لقضاياهم وانشغالاتهم. وهو يحتاج إلى إعادة صياغة تخلصه مما علق به من تشوهات وشوائب وتحرره من مفردات اللاموقف وتملؤه بالمحتوى الأصيل وتؤطره بالواقعية السياسية.
10- استقلالية القرار: القرار في الحركة شأن داخلي وله مسار تنظيمي مؤسساتي يعصمه من الزلل والخلل ويحميه من التدخل والاحتواء ويوفر له ضمانات الاستقلالية، ويبعد عنه هيمنة الكبراء والأعيان وأصحاب الأهواء والمصالح ويحقق له الثقة والتفاعل.
11- وحدوية الصف: فالوحدة القلبية والفكرية والتنظيمية ركائز أساسية في بناء الحركة وهي أساس قوتها واستمرارها وهي غير قابلة للتهديد من أي كان، ويقف الجميع صفا واحدا كالبنيان المرصوص ضد أي طرف يحاول العبث بها أو النيل منها، وكما أن وحدة الصف هي ثمرة أعمال، فإن وحدة القلوب الموحّدة تسبق وحدة الهياكل والقوالب. (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)الأنبياء92.
12- وفائية الخلق:إن إقالة عثرات ذوي الهيئات، ومعرفة قدر أهل الفضيلة والسبق والتأسيس والسؤال عمن توقف في الطريق، أو خرج من الحركة.. أخلاق وفائية تطبع نسيجنا التربوي والتنظيمي، وتمثل إحدى سماتنا الجمالية التي نتمايز بها بين فعاليات الأحزاب والتنظيمات الأخرى التي تعاني من صراع الأجيال ونكران الفضل ونسيان اللاحق للسابق وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يسأل عن عشرة ساعة»، فالوفاء للمنهج ولرجالاته وعلى رأسهم الشيخ محفوظ نحناح والشهيد محمد بوسليماني وأضرابهما من القادة والشهداء عليهم الرحمات يمثل معلما هاديا في المشروع، وإن للحركة رحما يجب أن توصل ولا تقطع.
13- عالمية التحرك: فأهمية الوطن لا تنسي الحركة قضايا الأمة ومشكلات العالم، فالجغرافية عندها ممتدة بامتداد المسلمين ومساحة العمل واسعة باتساع الأمة الإسلامية، وشبكة علاقات الحركة متعددة ومتنوعة بتعدد وتنوع الشعوب والقبائل تحكمها صيغ التعارف والتعايش والتعاون والحوار والتحالف والتشارك.
14- تطويرية الأداء: حيوية الحركة تكمن في حرصها الدائم على التطوير والتجديد والإبداع في الأساليب والوسائل والأداءات بما يحقق الأهداف بفعالية عالية ويضيف للحركة إضافات كمية وكيفية ويسمح لها بإحراز التقدم المستمر، إذ: «من تساوى يوماه فهو مغبون» كما جاء في الحديث.
15- مركزية فلسطين: القضية المركزية للحركة هي فلسطين بقدسيتها وقدسها، وبأقصاها ورواده، وكل القضايا الأخرى تدور حولها. وفلسطين قضية جامعة وعادلة، ولن تسلم قيادة المجتمع والأمة لمن يتخلى أو يخون القضية أو يتاجر بها، وهي أيضا قضية مباركة ومبارك من حولها (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)الإسراء1.

ثالثا: الأولويــات
كثيرة هي الواجبات التي تقع على عاتق الحركة وقياداتها في المرحلة المقبلة والنجاح في تحقيق الأهداف يتطلب تحديد الأولويات بمنظور واقعي يعيد الترتيب ويصحح المفاهيم، كما أن تجربة الخطأ والصواب تفرض على الحركة اليوم وهي تخطط للمرحلة القادمة رسم سلّم لهذه الأولويات بما يحقق التماسك والانسجام بينها، ويمكن ذكر أهم هذه الأولويات:
1- أولوية البيت الداخلي على المحيط الخارجي:
أولوية تقوية الحركة واستعادة هيبتها هي محل إجماع كل أبناء الحركة، صحيح أن الحركة أصبحت قوة واضحة من حيث الشكل والكيان والهوية والفكرة ولكن القراءات السياسية المختلفة الداخلية والخارجية تشير إلى تراجعات ونوع اختلالات قد طرأت على المسار والرجال، وعملية استعادة الهيبة والموقع اللذَينِ كانت عليهما الحركة سالفا ليست أمرا بسيطا بل هي تمتد في اتجاهات متعددة:
• بعضها يرجع إلى استعادة المعاني القيمية والمعنوية لهياكل الحركة ومسؤوليتها في المواقع التنظيمية ذات العلاقة بالقرار المتعلق بالأفراد في أي موقع كانوا.
• وبعضها يرجع إلى رد الاعتبار للأسرة التربوية باعتبارها المرجع الأساس لتكوين الفرد والموجه الذي تتمثل فيه كل خصائص الحركة.
• وبعضها يتعلق بتقوية وتعميق علاقات ومعاني الأخوة الإيمانية بين الأفراد وإشاعة روح المحبة والتعاون وتأليف القلوب ودعم الممارسات المثبتة للأخوة.
• ومنها ما يعود إلى تحرير الولاء للحركة وتجريده على أسس قيمية تتجاوز الجغرافيات والمناصب إلى الموالاة الخالصة لله تعالى.
• ومنها ما يتعلق بتعميق الشورى وتوسيعها أثناء اتخاذ القرار على أي مستوى كان، حرصا على صوابية القرارات وتسهيلا لتعاون الجميع في موقع التنفيذ.
• وبعضها يرتبط بتحرير الحركة من كل أشكال التبعية والتأثير وإخراجها من محاولات الهيمنة مهما كان مصدرها أو إطارها خصوصا ما تعلق بالأبعاد السياسية.
• ومنها ما يوصي بأولوية أفراد الحركة وإطاراتها بتطبيق مشروعها باعتبارهم الأكثر فهما وحرصا على مختلف مفاصل المشروع.
2- أولوية قيادة المشروع الإسلامي:
إن المشروع الإسلامي يدخل اليوم مرحلة حساسة تضاربت فيها مختلف القيادات وسقطت بعض الرايات وتراجعت بعض الخيارات، حيث أصبحت الحركة تمثل في هذه المرحلة قيادة العمل السياسي الإسلامي وقاطرة الحركة الإسلامية في البلاد وربما في المنطقة بكاملها باعتبار الانتماء والتجربة والنتاج وخصوصا مع انفراط عقد حركات أخرى من جهة وبقاء الحركة في مستوى القوة من حيث الفكرة والتنظيم ثم التجربة والخبرة التي تسير بخطوات نحو الأمام.
وتكمن هذه القيادة في:
o ترشيد الصحوة وحمايتها من الانزلاق، وتوجيهها نحو الإيجابية والفعالية.
o توجيه حركات أخرى نحو مدرسة الوسطية والاعتدال في العمل السياسي.
o دحض ومحاصرة فكر التطرف والغلو ومناهج العنف والإرهاب وتبرئة ساحة الإسلام والعمل الإسلامي منها.
o صناعة الرموز وزيادة عدد القيادات الفكرية والشرعية والخطابية والشعبية على المستوى المحلي.
o توسيع دائرة الحوار الإسلامي وتفكيك ألغام الاختلاف والصراع، وتجاوز عقد الزعامات إلى العمل المؤسسي المشترك.
o صياغة أهداف مشتركة تتوجه إليها جهود العاملين للإسلام مهما اختلفت مواقعهم أو مجالات عملهم أو رؤاهم التغييرية.
3- أولوية الإصلاح على التطبيع:
الإصلاح أولوية عمل وضرورة منهج، وعنوان المرحلة ومحور النضال، ومدار السياسات والبرامج التغييرية.
وضرورة الإصلاح تكمن في منع التطبيع مع الواقع الفاسد والتآلف مع الفاسدين.
4- أولوية الصلاح قبل الإصلاح:
كثيرة هي مشاريع الإصلاح التي تتعثر أو تخفق والسبب في ذلك يعود إلى عدم توفر شرط الصلاح فيمن يقوم بعملية الإصلاح(إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) يونس81.
والحركة هي أداة إصلاح وأمل الناس في التغيير فتحتاج إلى الارتقاء دائما إلى مستويات الصلاح العليا مؤسسات وأفراد، بالتربية والتكوين ابتداء ثم بحسن اختيار القيادات والمسؤولين وتوفير كل معايير الشفافية والنزاهة والإنصاف في تولي المهام وتسيير شؤون الحركة أو شؤون الدولة.
5- أولوية التواصل بين القيادة والقاعدة:
فالقيادة ثمرة صالحة للقاعدة الصلبة، والقاعدة هي رأس مال الحركة الأول والرباط الرباني بين الفرد والقيادة يقوم على تبادل الأخوة والثقة والتشاور الذي يحقق الطاعة الواعية والولاء على بصيرة وفق الفهم الواضح لحدود الحق والواجب المتبادلة بين أركان الحركة.
وإذا كانت (البساطة) واحدا من أهم مظاهر دعوتنا، فأول تطبيق للبساطة هو إزالة الحواجز بين الفرد وقيادته وفتح المجال أوسع للقاء المباشر في أشكال متنوعة، ولأن القيادة في مفاهيمنا ليست فردا بل هي قيمة جماعية، فلقد بات من الضروري صناعة تقاليد القيادة الحانّة على الأفراد والرحيمة بهم والعادلة معهم في كل مستويات الحركة التنظيمية حتى يتمكن الجميع عبر الحب والأخوة وقبل اللوائح والقوانين من المساهمة الإيجابية في قيادة حركتهم وخدمة مشروعهم والإحساس بروح المسؤولية والأمانة تجاه الجيل الذي يتشرفون بخدمته والوطن الذي يعتزون بالانتماء إليه والأمة التي يعيشون في كنفها.
6- أولوية المؤسسة على القائد:
تتضح هذه الأولوية عندما يطرح الخيار بين تقوية القائد أو تقوية المؤسسة مثال ذلك انتخاب رئيس الحركة في المؤتمر يقوي الفرد ويضعف المؤسسة التي هي مجلس الشورى أما رئيس الحركة فلا يعود المجلس بقادر على مراقبته ومحاسبته والتعقيب على آرائه وقراراته، ويتميّع عندئذ دور الشورى، ولا يعود هناك معنى لعبارة «إن مجلس الشورى أعلى هيئة بين مؤتمرين».
من هنا فإن انتخاب رئيس الحركة منهجيا يعود إلى مجلس الشورى ليبقى دائما صاحب الحل والعقد وأعضاؤه هم أهل الاختيار الذين اختيروا هم أيضا بالانتخاب من طرف المندوبين وهذا الاختيار لا ينقص من قيمة ولا دور رئيس الحركة.
إن المرحلة تحتاج إلى صمامات أمان كثيرة تمتن وحدة الحركة وتعمق تماسك مؤسساتها، وأولوية المؤسسة على القائد هي أحد هذه الصمامات.
7- أولوية الإنجاز على الكلام:
من ضرورات القيادة في هذه المرحلة الإنجاز والناس أصبحوا يحتكمون كثيرا إلى الأعمال فلم تعد الشعارات والخطب ولا الكلام والوعود بالتي ترضي الناس أو تطعمهم من جوع أو تكسيهم من عري أو تؤمنهم من خوف.
والحركة بلغت من النضج والخبرة ما يؤهلها لكي تنجز ما ينتظره الناس في مجالات الحياة المتعددة، وهنا يتحقق معنى من معاني هذه الحركة وهو «نحن قوم عمليون».
8- أولوية المجتمع على السلطة:
بعد خروج البلاد من الأزمة السياسية والأمنية والمالية وتعافيها واستقرار هياكلها ومؤسساتها لم يعد أي مبرر لتأخير أو تأجيل حاجات الناس وقضاياهم، ومن هنا ترتقي شؤون المجتمع إلى قمة سلم الأولويات عند الحركة على حساب قضايا السلطة وشؤونها ونقل هذه الأولوية إلى مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية، لإعادة الأمل وترسيخ الثقة ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) آل عمران110.
9- أولوية ضبط العلاقة مع الآخر:
علاقات الحركة واسعة ومتنوعة داخليا وخارجيا تحكمها تعاليم الإسلام ومصالح الوطن وقيم الإنسانية، وتؤطرها دوائر الحوار والتعارف والتعاون والتحالف، وتضبطها قاعدة (استقيموا لهم ما استقاموا لكم).
إن التحالفات لا تلغي الآخرين غير المتحالفين، ولا تحجر على المتحالفين في أن يقولوا للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، كما لا تسجنهم داخل أطرها. وعلى هذا الفهم يمكن إعادة صياغة التحالف الرئاسي ومن موقع الشراكة التي لا تبقى فيها الحركة هي الحلقة الأضعف أو الطفل اليتيم، لأن الحركة مؤهلة أكثر في المرحلة المقبلة ليتحسن موقعها ويتطور دورها ويرتقي أبناؤها في سلم قيادة البلاد .
إن علاقات الحركة ستتعمق أكثر وتتنوع أفضل بحيث تسجل حضورها الإقليمي والدولي بفعالية.

رابعا: السياســات
إن مشروعنا اليوم في حاجة إلى سياسات تطرح كيفية تطوير الأداء ضمن حالة من تسييج الممارسة بالقيم وحماية التجربة بالمتابعة من أجل الارتقاء بالفكرة عبر صوابية المنهج وأحقية الاستخلاف مع إخلاص النية وصلاح العمل وأهم هذه السياسات التي تفرض نفسها اليوم هي:
1- سياسة الاستدراك التربوي:
فنحن حركة تعمل على منهج تربوي هو مصنعها للرجال والكفاءات وجسرها إلى التغيير والإصلاح، ولكنه اليوم في حاجة إلى اهتمام ورعاية واستدراك من خلال:
• معالجة تربوية للأخطاء والعيوب والأمراض التي ظهرت في المرحلة السابقة.
• الاهتمام بالمربين وتحسين مستوياتهم وتأهيل أدائهم وحل مشاكلهم.
• زيادة عدد المربين عبر دورات مكثفة وعمليات ترقية لأصحاب الكفاءات الجديدة.
• رفع مستوى التعاطي مع البرامج التربوية والتدريبية بمختلف الوسائل العلمية المساعدة.
• إعطاء قيمة تنظيمية وتربوية أكبر للأسر في هيكل الحركة التنظيمي.
• إخضاع عمل مناضلي الحركة للعملية التربوية عبر الأسرة مهما كانت الظروف.
• ربط أبناء الحركة برجالها السابقين في مجال الدعوة والقيادة والتنظيم من خلال مختلف المناهج التربوية والحركية والسياسية.
• تعميق البعد الوطني في برامج التربية وترسيخ روابط الانتماء للأمة.
2- سياسة التبليغ الدعوي:
إن بث الوعي بالقيم والثوابت مسؤولية دعوية ضخمة ملقاة على عواتقنا. وإن بناء الدول والحضارات تسبقه دائما إشاعة واسعة للقيم والمفاهيم التأسيسية، والدولة التي تتأسس على دعوة صحيحة تعَمّر كثيرا وتُعمِر خيرا.
ومجالات الدعوة اليوم كثيرة تحتاج إلى تفعيل حتى تملأ فراغ الشباب الذي هو في شوق لمن يأخذ بيده نحو النور بعيدا عن مغريات الحياة وضلالات العولمة. والحركة اليوم يقع عليها هذا العبء، من خلال توزيع ما عندها من دعاة على هذه المهام وتأهيلهم ليواكبوا حاجات العصر وأمزجة الناس ويكافئوا التحديات الجديدة التي تتطلب إستعادة الوعي بنظريتنا الشمولية التي لا تفصل بين الدعوة والسياسة، إذ الغاية واحدة وهي تعبيد الناس لرب العباد وإصلاح أحوال المجتمع والأمة والدولة ولن يصلح الحال إلا بالإسلام بوسطيته وسماحته وعدله.
3- رسكلة التجربة السياسية.
إن مكتسبات مرحلتي التعريف والتكوين الدعوية تمثل البدايات الأولى لمرحلة التنفيذ الذي بدأت الحركة تضع أرجلها على درجاتها الأولية وذلك من خلال انخراطها في مناشط الشأن العام المرتبط بالأبعاد السياسية في شقيها الانتخابي والإداري حيث أصبحت الحركة بحمد الله تعالى مؤتمنة على إدارة مجالس منتخبة وهيئات تنفيذية، ولقد أصبح هذا الوضع الجديد يتطلب منا بذل مجهود نوعي للارتقاء بأدائنا السياسي قصد تثمين التجربة وتصحيح المسار، وتطوير مستوى مسؤولينا في إدارة أعمالهم وتسيير مؤسساتهم على أفضل الوجوه، وهذا يتطلب على الخصوص:
• الاهتمام بالقيادات السياسية الجديدة لإثراء الساحة الوطنية وتجديدها.
• أخلقة الممارسة السياسية من خلال تعميق البعد التربوي لدى نخبنا المشاركة في مختلفة المواقع.
• توسيع وتعميق المشاركة وتأهيل وتجديد رجالاتها.
• توفير من خلال التكوين المسبق والمستمر لنموذج (الوزير ورئيس البلدية والمنتخب والبرلماني..) الناجح والقدوة.
• توثيق تجربة المشاركة وتقديمها بالشكل الذي يجعلها جاهزة ليستيفد منها غيرنا.
• إعادة صياغة أعيان جدد للمجتمعات المحلية بدل الأعيان التقليديين الذين فلتت من أيديهم زمام القيادة.
4- سياسة إصلاح الحكم:
إن عنوان المرحلة الراهنة هو الإصلاح السياسي، وهو محور نضال الحركة من أجل إنجاح التحول الديمقراطي في البلاد وتوسيع دائرة الحريات الأساسية وتقوية المؤسسات الحاكمة واحترام حقوق الإنسان، وتكريس آليات التعددية الديمقراطية.
وأجندة الإصلاح تركز أيضا على المطالبة برفع حالة الطوارئ وإصلاح القوانين والعدالة وضمان نزاهة الانتخابات التنافسية، وإصلاح برامج التعليم وفتح مجال الإعلام وإصلاح الاقتصاد لتنمية البلاد وتحسين معيشة المواطن.
ودستور البلاد في حاجة إلى إصلاح ينبثق من مراجعة جماعية بالحوار ويحقق التوازن بين السلطات واستقلاليتها لضمان استقرار البلاد.
والإصلاح السياسي يعتمد في شقه الثاني على محاربة الفساد والمفسدين بنشر قيم الإسلام في إدارة شؤون الناس ومعايير الحكم الراشد وتمكين الشعب وممثليه من مهمة المراقبة.
كما أنّ المصالحة الوطنية سياسة لا يكتمل نجاحها بدون نجاح الإصلاح (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)الشورى40.
5- سياسة التطوير الإعلامي:
إن منتوجنا جيد، ورجالنا في القطاع الإعلامي كثر ولكن تصدير هذا المنتوج لا يزال بعيدا عن المستوى الذي تتطلع إليه الحركة وأنصارها، لذلك لم تثمن تجربتنا ولم تنل حظها، بل إن خصومنا كانوا أسرع منا وأقدر على قراءة التجربة وتصدير حكمهم الجائر عليها إلى الرأي العام.
ولذلك وجب علينا السعي الجاد لتطوير الأداء الإعلامي بجمع الطاقات الإعلامية للحركة والاستثمار في وسائل إعلامية مختلفة تضمن للحركة حسن التفاعل بين مشاريعها وإنجازاتها وبين جماهير الرأي العام التي هي أقرب إلى من يقول لها حسنا.
كما أن المشروع الذي نحن جزء حيوي منه هو مشروع تغييري يحتاج إلى أن يشد بعضه بعضا، عبر التواصل الإعلامي المباشر بالنجاح والمعبر عن مفاصل التجربة وقيادة الجماهير وراءها في تدافع حضاري أصبح الإعلام وسيلته المؤثرة الأولى فكيف إذا أصبحت الدعوة تطرق أبواب الحكم والتمكين وتمارس التحالفات والمشاركات السياسية في أجهزة الحكم المختلفة.
كما أن خصومنا ومنافسينا المحليين وحتى الدوليين أصبحوا يخشون الإعلام أكثر من خشيتهم لأي شيء آخر وهو ما يلزم الحركة بضرورة الإعداد الواجب والمكافئ لطبيعة المنافسة والصراع في الجانب الإعلامي الذي لا يزال النتاج فيه كبيرا ولكن ثقافة إدارتنا للصراع على هذا المستوى لا تزال ضعيفة وغير مكتملة.
6- سياسة التفعيل التنظيمي:
تنظيمنا في حاجة إلى تنشيط وتجديد وتفعيل حتى لا يترهل أو يصاب بالشلل ويمكن اقتراح بعض الاقتراحات التي تحقق الهدف:
• تقوية المؤسسات الشورية وتطوير أداء الهيئات التنفيذية.
• التوسع في شروط الانتماء والتشدد في شروط تولي المسؤولية.
• الاعتناء بالمشاكل التنظيمية وحلها في وقتها حتى لا تتفاقم بتطبيق اللوائح القانونية والقيم الإسلامية.
• تعميق التآخي بين أفراد الحركة ليتعدى حدود العشائرية والمحلية والجهوية.
• توسيع الانفتاح التنظيمي وفقا لدوائر متعددة تكسب الحركة النصرة والتأييد والدعم.
• استحداث هيئات مركزية ومحلية لاستيعاب الطاقات وتجويد العمل.
• ضبط الهياكل والمؤسسات وتأهيل القائمين عليها بما يدعم نجاحاتهم.
7- سياسة العمل الخيري:
العمل الخيري وإغاثة الملهوف وإعانة المحتاج معاني عالية من العمل الصالح الذي يجب أن تدعمه كل الهيئات الرسمية وغير الرسمية في ظل تدهور الحياة المعيشية للمواطنين وقصور البرامج الحكومية في إيقاف هذا التدهور، وهذه المرحلة توجب على الحركة وضع خطة من أجل تفعيل وحض أهل الخير والجود في بلادنا للمساهمة في القيام بهذا الدور النبيل والمشاركة فيه من خلال بعث وتفعيل المؤسسات النشطة واعتمادها على الأساليب العلمية والعصرية لتطوير أدائها لكي يفي بحاجات الناس، ويضمن بقاء الطبقة الوسطى التي تمثل محك التغيير، والتي يراهن البعض على القضاء عليها بإضعاف هذا البعد التضامني في الأمة الذي يقوم عليه دائما رجالٌ ونساءٌ (يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)المؤمنون61.
8- سياسة تنمية المال:
(نعم المال الصالح للرجل الصالح) هذه المقولة الشريفة تصلح عنوانا لمقاصد سياستنا المالية، التي تهدف لتقوية الصلاح التنموي في الجزائر مع إعطاء الأهمية لرجال الأعمال ودعمهم ليساهموا في تنمية البلاد ومعالجة مشاكلها.
ومشاركة الحركة في مؤسسات الدولة تصب جهودها في الإسهام بالبرامج التنموية البعيدة عن النزعة في الصرف المهدر للأموال دون أن تكون له نتائج واضحة على المواطن والمجتمع.
ويمكن أن تعمل الحركة في هذا الخصوص على:
• تشجيع الاستثمار الوطني والخارجي بما يخدم الأهداف التنموية الوطنية والاعتناء بالرأسمال الفكري المبدع الذي يملكه شبابنا المتعلم الباحث عن الفرص والتمويل.
• تشجيع الكسب الحلال والنشاط الحلال من خلال السعي مع كل الأطراف لاستقطاب إنشاء وتسهيل نشاط البنوك والمصارف التي تطبق المعايير الشرعية في التعاملات المالية.
• الاعتناء بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتسهيل إجراءات تسجيلها وتمويلها وتطويرها.
9- سياسة شؤون المرأة:
المرحلة القادمة تكون للمرأة فيها مكانة رفيعة بإعطاء الأولوية لها وإشراكها في القرار وترقية دورها في المؤسسات والرفع من أدائها في عملية التغيير، وإسناد لها بعض المهام التي لا تزال داخل الحركة حكرا على الرجل.
إن مجتمعاتنا في حاجة إلى أن تخرج لها الحركات الإسلامية نموذج المرأة المسلمة العفيفة الطاهرة والعاملة والقائدة.
والحركة ستنصف المرأة أكثر من خلال نصرتها ورفع الظلم عنها والمبادرة بكل إصلاح تعليمي وتثقيفي وقانوني واجتماعي يعيد للمرأة حقوقها كاملة غير منقوصة ويثمن دورها الإيجابي وينزع من المجتمع بذور الصراع والنزاع الفئوي وينشر قيم التكامل والتعاون.

خامسا: المشاريع
المرحلة المقبلة تتطلب الحرص على الإنجاز والعمل بالمشاريع أكثر من الخطب والنظريات، مشاريع تستوعب الطاقات وتتوزع الأدوار وتتكامل فيما بينها، محققة للأهداف المرجوة منها ويمكن اقتراح هذه المشاريع على سبيل المثال:
1- إنجاز «مجمع محفوظ نحناح» يحتوي على مرافق متعددة تستوعب أنشطة الحركة وفعالياتها ويقدم خدمات متنوعة في مختلف فترات السنة.
2- إنجاز مركز ثقافي يستوعب الطاقات الإبداعية الشابة وينشر الثقافة والفكر ويستخدم الوسائل العلمية والتكنولوجية.
3- تأسيس مركز للدراسات والأبحاث السياسية والإستراتيجية يوفر المعلومات الصحيحة والتحليل العميق ويسند القرار السياسي ويصوب الرؤية التخطيطية.
4- تشجيع تأسيس مؤسسة دعوية مستقلة تتولى نشر تعاليم الإسلام ومبادئه وعلومه ضمن مدرسة الاعتدال والوسطية وتؤهل الدعاة لأداء وظيفتهم التبليغية بحكمة ورفق وفعالية.
5- دعم تأسيس منظمة شبانية مستقلة تؤطر الشباب وتحميه وتوجه جهوده نحو البناء والإيجابية والمشاركة.
6- تكوين مؤسسة إعلامية تتولى إصدار منتوجات من صحيفة ومجلة وكتب وفضائية..
7- اعتماد مشروع الجيل القيادي الذي يتولى إعداد جيل من القيادات الجديدة لعشرين سنة القادمة لقيادة العمل والمؤسسات في مختلف المجالات، (وإن غدا لناظره قريب).
8- إنشاء مؤسسة العائلة تتولى الاهتمام بشؤون الأسرة ووحدتها وتماسكها وكرامتها وتفعيل دورها الإيجابي في تماسك المجتمع واستقرار الدولة.
9- إنشاء هيئة للتضامن مع الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته، تجمع كل الأطراف المؤمنة بقضية فلسطين العادلة.
10- اعتماد ملتقى سنوي عالمي للحركات الإسلامية يناقش قضايا العمل الإسلامي وشؤون الأمة، ويتسع لبقية الأفكار والاتجاهات لتشجيع الحوار.
11- اعتماد ملتقى سنوي لشباب الإسلام من مختلف القارات والأقطار لتعميق التعارف بينهم وتربيتهم على الفهم الصحيح والوعي الراقي.
12- اعتماد ملتقى سنوي عالمي للمرأة يناقش قضاياها ويواجه تحديات العولمة ويقدم الإجابات الشافية للأسئلة العصرية.
13- تأسيس مرصد اقتصادي اجتماعي يرصد ويتابع ويحلل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية ويقدم البدائل والخيارات الممكنة على ضوء ذلك لاتخاذ القرارات اللازمة.
14- صياغة مشروع للإصلاح السياسي الشامل تطرحه الحركة كمبادرة منها على الساحة السياسية.
15- إعداد وثيقة لتوسيع وترقية المصالحة الوطنية وترسيخ أركان السلم الاجتماعي.
16- صياغة وثيقة مرجعية في الخطاب السياسي للحركة.
17- إعداد مشروع لمنظومة تربوية صالحة تتجاوز القصور الموجود وتعالج الأخطاء المتكررة.
18- كتابة موسوعة تاريخ الحركة كعمل جماعي يؤرخ لنضالات الحركة وأعمالها ويسجل مآثر رجالها ونسائها وشيوخها وشهدائها.
19- تأسيس لجنة للفتوى الشرعية من خيرة العلماء والمتخصصين للنظر فيما يطرح من إشكاليات ومسائل وقضايا ونوازل برؤية اجتهادية مقاصدية.
20- اعتماد خطة لتأليف 500 كتاب من أبناء الحركة وأنصارها في مختلف المجالات والتخصصات.