الأحد، 10 مايو 2009

بشهادة القادة
وربما سكن اليقين داخل قادة الإخوان أنفسهم بأن هناك ترهلا واضحا في صفوف التنظيم الدولي فحسب قراءة الكاتب ممدوح الشيخ فإن إنفراط العقد سيحدث لا محالة. ويستشهد الكاتب بحوار صحافي وصف فيه الدكتور عصام العريان التنظيم الدولي قائلا : " صورة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين مشوشة جدا في أذهان الكثيرين فهذا الاسم ضخم جدا ولا يعبر عن واقعه وطبيعته ، ففي كثير من الأقطار العربية والإسلامية هناك تجمعات وتنظيمات للإخوان المسلمين .. ولأنه يوجد تقارب كبير بين هذه التنظيمات في المنطلقات وطريقة التربية والمبادئ العامة جرى هناك قدر من التعاون والتنسيق بين هذه التنظيمات ، ولكن ذلك لم يقلل إطلاقا من استقلالية وحرية هذه التنظيمات في اتخاذ قرارها ورؤيتها وتبني المواقف التي تلائمها لأنها الأقدر على تقييم أوضاعها الداخلية .والصورة التي وصفها العريان بأنها "مشوشة " تدعونا للتوقف لرسم صورة تقرب معنى التنظيم الدولي وتتوقف عند بعض المفاصل المهمة في تطوره ، فقبل أحداث سبتمبر 1981التي اعتقل فيها الرئيس المصري الراحل أنور السادات عددا من قيادات القوى السياسية في مصر سافر مرشد جماعة الإخوان الراحل مشهور إلى الكويت ، ومنها إلى ألمانيا حيث قض ى هناك سنوات شارك فيها في إنشاء وبناء التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي كان تأسس قبل سنوات ولم يستكمل ملامحه ، وكانت تقوم فكرته على ربط تنظيمات ومجموعات الإخوان في البلدان المختلفة في إطار تنظيم واحد يتصف بالعالمية . وشارك مشهور في وضع النظام العام للتنظيم الدولي لضبط حركته . غير أن ذلك يعكس جانبا من الصورة ، فالحركة الإسلامية في بلدان عديدة لم تتقبل فكرة التنظيم الدولي بالصورة التي لعب مشهور دورا كبيرا في بلورتها ، وكان للسودانيين السبق وشاطرهم في ذلك الموقف إخوان العراق ثم توالت مواقف مماثلة ، حيث اعتبر السودانيون العلاقة بين الحركات الإسلامية مجرد علاقة تنسيق وتعاون دون إلزام أو التزام ، وأرادوا التنظيم الدولي محض هيئة استشارية وقناة لتبادل الخبرات بينما اعتبرها المصريون علاقة بيعة لهم ملزمة ، ورأوا التنظيم وحدة اندماجية بقيادتهم . وسكت الطرفان على ما في النفوس ، وقبلا نوعا من التعايش داخل التنظيم الدولي بضغط من المحنة التي كانت تعيشها الحركة المصرية .

وكان للسودانيين حضور كبير فيالتنظيم الدولي ، خصوصا وأن مكتب العلاقات الخارجية في الحركة السودانية نجح في الوصول إلى وفاق حول صيغة التنسيق مع التنظيم الدولي ، وعاد إخوان مصر وعرضوا على السودان الرجوع إلى علاقة توحيدية تضع التنظيمات في مختلف الأقطار بل الأمصار موضع سياسات الجماعة وموقفها ،كما يحددها مكتب الإرشاد العام ومجلس الشورى العام والالتزام بالحصول على موافقة مكتب الارشاد العام ، قبل الإقدام على اتخاذ أي قرار سياسي هام .كما ينص النظام العام على أن اللائحة الداخلية المنظمة لشأن الحركات الإسلامية محليا "يجب اعتمادها من مكتب الارشاد العام قبل تنفيذها .وكل من هذه النقاط دفعت ممدوح الشيخ للتأكيد على وجود خلل فكري وسياسي وتنظيمي : فالالتزام بمضامين "النظام العام" محليا قيد على الحركات الإسلامية ، وتجاهل لواقعها الداخلي . إضافة إلى أن تسمية تلك الأمور الإجرائية المستحدثة "مبادئ أساسية" يدل على وجود لبس كبير في التمييز بين المبدأ والمنهج ، بين الفكرة ووسائل تطبيقها . فهل هذه هي الوسائل الوحيدة المتصورة شرعا وعقلا في تربية الأفراد وبناء الجماعات ونصرة الإسلام .

والالتزام ب "فهم الجماعة للإسلام المستمد من الكتاب والسنة في نظر المعارضين" هو "مذهبية جديدة وحجر على العقل المسلم ، وسد لأبواب الاجتهاد والتجديد . وهو ما ينطبق على الالتزام" بسياسات الجماعة ومواقفها العامة ، إذ يفيد هامش المناورة السياسية أمام الحركات الإسلامية في بلدانها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق