الاثنين، 13 أبريل 2009

البطالة والبطالة المقنعة



معاً على الطريق
الخميس 5/7/2007
عبد النبي حجازي

سمعت من عدد من العاملين في المقاولات أن البلد يعاني من نقص حاد في اليد العاملة المهنية ( نجار بنّاء,كهربائي..)

ونقص أكثر حدة في اليد العاملة العادية( الفَعَلة) رغم أن أجورهم مجزية قياسا إلى الأجور المتعارف عليها وهذا ما جعلني أستغرب هجرة ( العمالة) إلى لبنان مثلا أو السعودية ودول الخليج لأن العامل منهم يغادر البلد وحيداً تاركاً زوجته وأولاده ليؤدي عمله في شروط سيئة ,ساعات العمل فيها غير محددة معرضا نفسه للامتهان والازدراء وقالة ( إنه يرتزق) التي تشابه كلمة ( يتسول) ويعيش في ظروف أسوأ كأن تسكن المجموعة منهم في غرفة واحدة وهذا يجعلنا نطرح على أنفسنا عددا من الأسئلة:لئن كان ثمة تسويغ لمن يغادر بلده لأسباب (سياسية) مثلا فما تسويغ هجرة عامل لا علاقة لعمله بالسياسة من قريب أو بعيد? بشكل أعم ألا يعطل هذا إنجاز المشاريع وقد تحولت البلد إلى ورشة عمل?‏

إن المهاجر مضطر أن يقتر على نفسه ويعيش عيشة الشظف فتكون محصلة ما يجنيه ويحمله إلى البلد لا تكاد تساهم في رفع سويته المعيشية والاجتماعية إلا بالنزر اليسير.‏

فإذا كانت الذريعة ارتفاع الأسعار فإنه محكوم بها في تأمين معاش أهله الباقين هنا وإذا كانت شعورا باطنيا في أن البلد يعاني خللا اقتصاديا واجتماعيا فالإقامة للمؤازرة خير من الهروب إلى الهجرة.‏

إن البطالة الحقيقية في بلدنا هي البطالة المقنعة وفي رصد دقيق لهذه الظاهرة نرى أن عدد الموظفين في كل دائرة( حكومية) يفوق أضعاف ما تحتاج إليه هذه الدائرة.‏

رد علي مرة أحد المسؤولين في اجتماع رسمي أن في كلامي مبالغة فقلت له:( إن من يجلس في قمرة القيادة قد لا يرى ما يراه الذي يضطلع بالمسؤولية الميدانية).‏

وإن عدم التناسب بين الأجور والأسعار يجعل الموظفين نوعين:‏

نوعا يرتزق بالرشوة التي صارت علنية أو شبه علنية,ونوعا يرتزق بعمل آخر يساعده عليه التسيب الوظيفي فيكون العمل الآخر هو الأساس والعمل( الرسمي) هو الإضافي وهنا تنشأ قضية أخلاقية تربوية خطيرة وهي الاستهتار بقيم العمل وبالتالي هزالة الانتماء إلى الوطن.‏

ومن يدقق في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ير البلد ينقسم إلى طبقتين:‏

الطبقة الأولى وهي طبقة قليلة جدا مترفة ترف الملوك بين يديها الأموال الطائلة:المنقولة داخل البلد أو خارجه كأرصدة في البنوك وغير المنقولة كالشركات والمصانع والقصور وهي تتهرب بحنكة أو بسلاطة من دفع الضرائب.‏

أما الطبقة الثانية وهي الطبقة المتوسطة والمفترض أن تكون من كبار الموظفين ومن أصحاب الفعاليات الاقتصادية المحدودة فهي قليلة جدا بحيث تكون تسميتها طبقة ضربا من الاعتساف.‏

أما الطبقة الثالثة وهي الطبقة العاملة التي تضم الموظفين والعمال وصغار الكسبة فهي السواد الأعظم, إنها تتقاسم مع الدولة دفع الضرائب وفوائد التأخير الظالمة, إنها الطبقة المسحوقة كأنها الطيور التي يفتح لها التمساح فمه لتدس مناقيرها بين أضراسه فيطبقه عليها ويبتلعها.‏

إن هذا هو قوام البلد الاقتصادي والاجتماعي, الثري فيه يزداد ثراء والفقير يزداد فقرا,إنه القوام الأكثر خطرا وإلحاحا وهو القمين أن تبدأ عجلة الإصلاح به.‏

فلماذا لا نحول العمالة الفائضة في دوائر الدولة إلى المشاريع( الخاصة) و( العامة) لتأكل لقمتها بعرق جبينها وتشعر بقيمتها وبراحة ضميرها.‏

أتمنى ألا يكون كلامنا حبرا على ورق ,أتمنى أن تعد وجهة نظر يتصفحها المتصفحون يأخذون بها أو لا يأخذون.‏

أتمنى أن تقف سورية على ساقين متينتين:الموقف الوطني والقومي المشرف والعدالة الاجتماعية.‏

وإلا فكل مشاريعنا ونزوعنا إلى التقدم والتنمية غثاء أحوى.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق